شدة المناسبة
والخلطة والمعاشرة بينهما ، وكذا العكس ، ولا مدخل للشرافة النسبية في ذلك ولا
الكرامة الدنيوية وبين عليهالسلام ذلك بقوله
: وتكون في العبد ، « إلخ ».
فإن قيل : إذا
كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فلا اختيار للعباد فيها ، فلا يتصور التكليف
بها والمذمة على تركها؟
قلت : يمكن أن
يجاب عنه بوجهين : الأول : أن يكون المراد بالاستطاعة بسهولة التحصيل ، لا القدرة
والاختيار ، وتكون العناية الإلهية سببا لسهولة الأمر لا التمكن منه ، الثاني : أن
تكون الاستطاعة في المستحبات كإقراء الضيف وإطعام السائل والتذمم والحياء لا في
الواجبات كصدق اللسان وأداء الأمانة.
قوله
عليهالسلام : صدق البأس ، في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره بالياء المثناة
التحتانية ، وفي بعضها بالباء الموحدة.
فعلى الأول المراد
به اليأس عما في أيدي الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه ، والمراد بصدقه عدم
كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره ، إذ قد يطلق الصدق في غير الكلام من أفعال
الجوارح ، فيقال : صدق في القتال إذا وفي حقه وفعل على ما يجب وكما يجب ، وكذب في
القتال إذا كان بخلاف ذلك ، وقد يطلق على مطلق الحسن نحو قوله تعالى : «
مَقْعَدِ
صِدْقٍ » [١] و
« قَدَمَ صِدْقٍ »
[٢].
وعلى الثاني
المراد بالبأس أما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره ، أي الشجاعة الحسنة الصادقة في
الجهاد في سبيل الله ، وإظهار الحق والنهي عن المنكر ، أو من البؤس والفقر كما قيل
: أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره وإخباته لخشوع باطنه وإخباته لا يرى التخشع
في الظاهر أكثر مما في باطنه ، انتهى.
وهو بعيد عن اللفظ
إذ الظاهر حينئذ البؤس بالضم وهو خلاف المضبوط من