ولا مدح ولا تشريف
فيما دخل فيه الفساق والكفار ، فإن قيل : إذهاب الرجس لا يكون إلا بعد ثبوته فدلت
الآية على ثبوت الرجس والمعصية فيهم وأنتم قد قلتم بعصمتهم عن الذنوب من أول العمر
إلى انقضاء الأجل؟ قلنا : إن الإذهاب والصرف وما يؤدي هذا المؤدي كما يستعمل في
إزالة الأمر الموجود يستعمل في المنع عن طريان أمر على محل قابل له ، قال الله
تعالى : « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها
مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ »
[١] وقال في يوسف عليهالسلام : « كَذلِكَ لِنَصْرِفَ
عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ »
[٢] وتقول في الدعاء : صرف الله عنك كل سوء ، وأذهب عنك كل
محذور ، وبناء الكلام في مثلها على التخييل الذهني بفرض المحل متصفا بالأمر لكونه
مظنة له بخصوصه ، أو لكون الغالب اتصاف أمثاله بذلك الأمر ، والعبد لما كان في
الغالب مظنة لارتكاب المعصية قد يسمى تأييد الله إياه بالعصمة عن ارتكابها إذهابا
لها وتطهيرا منها ، وليس الغرض اتصافه بها كما أنه ليس المراد في الآيتين
السابقتين الصرف بعد الإصابة.
على أنا نقول :
إذا سلم الخصم منا دلالة الآية على العصمة في الجملة كفانا في المقصود ، إذ القول
بعصمتهم في بعض الأوقات خرق للإجماع المركب وهو واضح فثبت عصمتهم مطلقا.
ومما يدل على
عصمتها صلوات الله عليها الأخبار الدالة على أن إيذاءها إيذاء الرسول ، وأن الله
تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها ، كما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن المسور بن
مخرمة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ، وهو على المنبر إنه قال في سياق حديث فاطمة : فإنما
هي بضعة مني يربيني ما رابها ، ويؤذيني من آذاها.
وقد روى البخاري
ومسلم وغيرهما أنه صلىاللهعليهوآله قال : فاطمة بضعة مني يؤذيني