لم يكن في تلك
الحال بالغا فيقع إيمانه على وجه المعرفة ، وإن أيمان أبي بكر حصل منه مع الكمال
فكان على اليقين والمعرفة ، والإقرار من جهة التقليد والتلقين غير مساو للإقرار
بالمعلوم المعروف بالدلالة.
ثم أجاب قدس الله
روحه عن هذه الشبهة بوجوه :
الأول : منع كونه عليهالسلام صبيا في تلك الحال ، وذكر روايات تدل على أنه كان له خمس عشرة سنة ونحو ذلك.
الثاني : أنا
سلمنا أنه كان صغير السن وكان له سبع سنين نقول : صغر السن لا ينافي كمال العقل ، وليس
دليل وجوب التكليف بلوغ الحلم فيراعى ذلك ، هذا باتفاق أهل النظر والعقول ، وإنما
يراعى بلوغ الحلم في الأحكام الشرعية دون العقلية ، وقد قال سبحانه في قصة يحيى : «
وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا » [١] وقال في قصة عيسى : « قالَ إِنِّي عَبْدُ
اللهِ » [٢] الآية.
فلم ينف صغر سن
هذين النبيين كمال عقلهما ، والحكمة التي آتاهما الله سبحانه ولو كانت العقول تحيل
ذلك لإحالته في كل حالة وعلى كل حال ، وقد أجمع أهل التفسير إلا من شذ منهم في
قوله : « وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها »
[٣] الآية أنه كان طفلا صغيرا في المهد أنطقه الله حتى برأ
يوسف من الفحشاء وأزال التهمة عنه.
الثالث : أنه لو
لم يكن إيمانه عليهالسلام بالمعرفة والاستدلال وعلى غاية الكمال لما مدحه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم به ، ولما جعله من فضائله ومناقبه ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يفضل أحدا بما ليس بفضل ، ولا يجعل في المناقب ما ليس
في جملتها ، فلما مدح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام بتقدمه الإيمان. في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لفاطمة عليهاالسلام أما ترضين أني زوجتك أقدمهم سلما.
وقوله : أول هذه
الأمة ورودا على نبيها الحوض أولها إسلاما علي بن