في الكتاب الكبير
عن الثعلبي وغيره ، أنه هكذا فهم الخطاب حيث سمعه وغيرهم من الصحابة والتابعين على
ما أوردناه في الكتاب المذكور في ضمن الأخبار ، ولنعم ما قال الغزالي في كتاب سر
العالمين في مقالته الرابعة التي وضعها لتحقيق أمر الخلافة ، بعد عدة من الأبحاث ،
وذكر الاستخلاف : لكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته
صلوات الله عليه وآله في يوم غدير خم باتفاق الجميع ، وهو يقول : من كنت مولاه
فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة
، فهذا تسليم ورضا وتحكيم ، ثم بعد هذا غلب الهواء بحب الرئاسة وحمل عمود الخلافة
وعقود النبوء وخفقان الهواء في قعقعة الرايات اشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار
سقاهم كأس الهواء فعادوا إلى الخلاف الأول ، فنبذوا الحق وراء ظهورهم واشتروا به
ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ، انتهى.
أقول : لا يخفى
على من شم رائحة الإنصاف أن تلك الوجوه التي نقلناها عن القوم تتميمات ألحقناها
بها ، ونكأت تفردنا بإيرادها لو كان كل منها مما يمكن لمباهات ومعاند أن يناقش
فيها فبعد اجتماعها وتعاضد بعضها ببعض لا يبقى لأحد مجال الريب فيها ، والعجب من
هؤلاء المخالفين مع ادعائهم غلبة الفضل والكمال ، كيف طاوعتهم أنفسهم أن يبدوا في
مقابلة تلك الدلائل والبراهين احتمالا يحكم كل عقل باستحالتها ، ولو كانت مجرد
التمسك بذيل الجهالات ، والالتجاء بمحض الاحتمالات مما يكفي لدفع الاستدلالات ، لم
يبق شيء من الدلائل إلا ولمباهات فيه مجال ، ولا شيء من البراهين إلا ولجاهل فيه
مقال ، فكيف يثبتون الصانع ويقيمون البراهين فيه على الملحدين؟ وكيف يتكلمون في
إثبات النبوات وغيره من مقاصد الدين؟ أعاذنا الله وإياهم من العصبية والعناد ، ووفقنا جميعا لما
يهدي إلى الرشاد.
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 3 صفحه : 230