القيامة فكان الأمر
في هذا التكليف كذلك « والثاني » أن الصيغة تتناول الأوقات كلها ، بدليل صحة
الاستثناء « والثالث » لما لم يكن الوقت المعين مذكورا في لفظ الآية لم يكن حمل
الآية على البعض أولى من حملها علي الباقي ، فإما أن لا يحمل على شيء فيفضي إلى
التعطيل وهو باطل ، أو على الكل وهو المطلوب « والرابع » أن قوله : « يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ
» أمر لهم بالتقوى وهذا
الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقيا وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ
، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطإ وجب كونه مقتديا بمن كان واجب العصمة
، وهم الذين حكم الله بكونهم صادقين وترتب الحكم في هذا يدل على أنه إنما وجب على
جائز الخطإ كونه مقتديا به ، ليكون مانعا لجائز الخطإ عن الخطإ وهذا المعنى قائم
في جميع الأزمان ، فوجب حصوله في كل الأزمان ، قوله : لم لا يجوز أن يكون المراد
هو كون المؤمن مع المعصوم الموجود في كل زمان ، قلنا : نحن معترف بأنه لا بد من
معصوم في كل زمان إلا أنا نقول إن ذلك المعصوم هو مجموع الأمة ، وأنتم تقولون أن
ذلك المعصوم واحد منهم ، فنقول : هذا الثاني باطل ، لأنه تعالى أوجب على كل من
المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين ، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالما بأن ذلك الصادق من
هو ، لأن الجاهل بأنه من هو لو كان مأمورا بالكون معه كان ذلك تكليف ما لا يطاق ،
لأنا لا نعلم إنسانا معينا موصوفا بوصف العصمة ، والعلم بأنا لا نعلم هذا الإنسان
حاصل بالضرورة ، فثبت أن قوله « كُونُوا
مَعَ الصَّادِقِينَ » ليس أمرا بالكون مع شخص معين ، ولما بطل هذا بقي أن المراد
منه الكون مع جميع الأمة ، وذلك يدل على أن قول مجموع الأمة صواب وحق ولا نعني
بقولنا الإجماع حجة إلا ذلك ، انتهى كلامه.
والحمد لله الذي
حقق الحق بما جرى على أقلام أعدائه ، ألا ترى كيف شيد ما ادعته الإمامية بغاية
جهده ثم بأي شيء تمسك في تزييفه والتعامي عن رشده ،
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 2 صفحه : 419