عباس : من
الصادقين ، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ثم قال : أي مع الذين يصدقون في أخبارهم ولا يكذبون ،
ومعناه كونوا على مذهب من يستعمل الصدق في أقواله ، وصاحبوهم ورافقوهم ، وقد وصف
الله الصادقين في سورة البقرة بقوله : « وَلكِنَّ الْبِرَّ
مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
» إلى قوله
« أُولئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
» [٢] فأمر سبحانه بالاقتداء بهؤلاء ، وقيل : المراد بالصادقين
هم الذين ذكرهم الله في كتابه وهو قوله : « رِجالٌ صَدَقُوا ما
عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
» يعني حمزة بن عبد المطلب
وجعفر بن أبي طالب عليهالسلام « وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ
» [٣] يعني علي بن أبي طالب ، وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس قال : كونوا مع الصادقين ، مع علي وأصحابه ، وروى جابر عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : « كُونُوا
مَعَ الصَّادِقِينَ » قال : مع آل محمد عليهمالسلام ، انتهى.
وأقول : التمسك
بتلك الآية لإثبات الإمامة في المعصومين بين الشيعة معروف ، وقد ذكره المحقق
الطوسي طيب الله روحه القدوسي في كتاب التجريد ، ووجه الاستدلال بها أن الله أمر
كافة المؤمنين بالكون مع الصادقين ، وظاهر أن ليس المراد به الكون معهم بأجسادهم
بل المعنى لزوم طرائقهم ومتابعتهم في عقائدهم وأقوالهم وأفعالهم ، ومعلوم أن الله
تعالى لا يأمر عموما بمتابعة من يعلم صدور الفسق والمعاصي عنه ، مع نهيه عنها ،
فلا بد من أن يكونوا معصومين لا يخطئون في شيء حتى تجب متابعتهم في جميع الأمور ،
وأيضا اجتمعت الأمة على أن خطاب القرآن عام لجميع الأزمنة لا يختص بزمان دون زمان
، فلا بد من وجود معصوم في كل زمان ليصح أمر مؤمني كل زمان بمتابعتهم.
فإن قيل : لعلهم أمروا
في كل زمان بمتابعة الصادقين الكائنين في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله ، فلا يتم وجود المعصوم في كل زمان.
قلنا : لا بد من
تعدد الصادقين أي المعصومين لصيغة الجمع ، ومع القول بالتعدد