نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 2 صفحه : 319
إن الله تبارك
وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى
منه فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم « عَنِ الصِّراطِ
لَناكِبُونَ » فلا سواء من اعتصم الناس به ولا سواء حيث ذهب الناس إلى
عيون
أنصارهم أهل الجنة
، وأعداءهم أهل النار ، وهم يعرفون الفريقين في الدنيا بسيماهم ، لا بظواهر
أعمالهم وقوله عليهالسلام : « ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا »
أراد بالأعراف ما يعرف به الشيء سواء كان ما به المعرفة ذاتا أو صفة من باب تسمية
الشيء باسم سببه. أما قوله : ونحن الأعراف يعرفنا الله ، فأراد بالأعراف هاهنا نفس
المعروف بالذات ، كما يطلق العلم على الصورة العلمية ، وهي المعلومة بالذات فإنه
تعالى بهم يعرف أمتهم وأتباعهم إلى آخر ما حققه ولا نطيل الكلام بإيراده.
قوله عليهالسلام
: « ولكن جعلنا أبوابه » أي أبواب معرفته
وعلمه « وصراطه » الذي يعرف طريق عبادته «
وسبيله » الذي به يعرف الوصول إلى
قربه وجنته ، والحاصل أنه تعالى كان قادرا على أن يعرف العباد جميع ذلك بنفسه ،
لكن كانت المصلحة مقتضية لأن يجعلنا وسيلة فيها «
ولا سواء » أي ليس بمستو من اعتصم
الناس أي المخالفون به ولا سواء من اعتصمهم به ، نظير قوله تعالى : « وَما
يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ
» [١] وفيه مبالغة في نفي التساوي ، أو الثاني تكرار للأول والشق
الآخر محذوف فيهما ، أي لا سواء من اعتصموا به ومن اعتصمتم به ، ولا يستوي صنع
الناس وصنعكم [٢] في الاعتصام.
أقول : ويحتمل أن
يكون المراد بالناس جميعهم من المحقين والمبطلين ، وكذا من اعتصموا به ، أي ليس
الذين يعتصم الناس بهم متساوين ، ولا سواء المعتصمون بهم أو ما ينتفعون به منهم.
وفيه : أنه لا بد
من حمل الناس ثانيا على المخالفين ، وكونه في كل من الموضعين بمعنى آخر بعيد ، ثم
بين عليهالسلام عدم المساواة على الوجوه كلها
فقال : حيث ذهب الناس