من أهل الثواب ،
فالقائلون بالأول منهم من قال إنهم ملائكة يعرفون أهل الجنة والنار ، ومنهم من قال
: إنهم الأنبياء وأجلسهم الله على أعالي ذلك السور تمييزا لهم عن سائر أهل القيامة
، ومنهم من قال : إنهم الشهداء ، والقائلون بالثاني ، منهم من قال : إنهم أقوام
تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، ومنهم من قال : إنهم قوم خرجوا إلى الغزو بغير إذن
إمامهم ، وقيل : إنهم مساكين أهل الجنة ، وقيل : إنهم الفساق من أهل الصلاة ،
ويظهر من الأخبار التي أوردتها في الكتاب الكبير الجمع بين القولين ، وأن الأئمة عليهمالسلام يقومون على الأعراف ليميزوا شيعتهم من مخالفيهم ، ويشفعوا الفساق محبيهم وأن
قوما من المذنبين أيضا يكونون فيها إلى أن يشفع لهم.
وفي هذا الخبر
أيضا إشارة إلى إطلاقات الأعراف ومعانيها ، وأن الرجال هم عليهمالسلام كما قيل : إن الأعراف مأخوذ من العرفان ، وهو يطلق على الموضع المشرف المعين
بإشرافه على اطلاع من عليه.
فبهذه الجهة قال عليهالسلام : نحن على الأعراف ، ويطلق على حامل المعرفة المتأمل فيها ، الذي إنما يعرف
غيره بوساطته كالحجج من الرسل والأنبياء ، وولاة الأمر عليهمالسلام ، وعلى هذا الإطلاق قال : ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله تعالى إلا بسبيل معرفتنا.
ويطلق على المعرف
الذي إنما يتم المقصود بمعرفته ، وعلى هذا قال : نحن الأعراف يعرفنا الله يوم
القيامة على الصراط ، فإن أريد ظاهر الآية فالأعراف هو المعبر عنه بالسور بين
الجنة والنار ، ومن عليه من الرجال الحجج عليهمالسلام الذين يعرفون كلا بسيماهم ، وإنما ينال المقصود بمعرفتهم ،
وهم الحافظون لها المحيطون بأطرافها ويستحقون أن يطلق عليهم الأعراف لاشتمالهم
عليها وإحاطتهم بها.