العبادة ، ثم قرأ
: ( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
)[١] وقال الطيبي : أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل
على الحصر ، وإن العبادة ليست غير الدعاء.
ثم قال : قال
البيضاوي : لما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة من
حيث أنه يدل على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى معرض عما سواه ، لا يرجو ولا
يخاف إلا منه استدل عليه بالآية فإنها تدل على أنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف
قبل منه لا محالة ، وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء على الشرط ، والمسبب على السبب
، وما كان كذلك كان أتم العبادات وأكملها.
وأقول : يمكن أن
تحمل العبادة على المعنى اللغوي أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافتقار ،
والاستكانة قال الله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ
الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُ
» الجملتان واردتان على الحصر وما شرعت العبادات إلا للخضوع عند الباري ، وإظهار
الافتقار إليه ، وينصر هذا التأويل ما بعد الآية المتلوة « إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ
» حيث عبر عن عدم الافتقار
والتذلل بالاستكبار ووضع عبادتي موضع دعائي ، وجعل جزاء ذلك الاستكبار الصغار
والهوان ، انتهى.
وأقول : سياق هذا
الخبر الذي نقلوه ، والمراد به ما مر أن الدعاء في نفسه عبادة حيث سماه في هذه
الآية عبادة وأمر الله بها ، فعلى تقدير عدم الإجابة أيضا ينبغي الإيقان به إطاعة
لأمره تعالى كسائر العبادات ، وتركه موجب للذل والصغار ، ودخول النار كما دلت عليه
الآية ، مع أنه سبحانه وعد الإجابة ولا يخلف الله في وعده.
ولا ينافي ذلك
التقدير فإن الدعاء أيضا مقدر وترتب الحصول على الدعاء أيضا مقدر ، فظهر وجه تغيير
الترتيب في الآية ، وقيل : فإن الدعاء نقض إجمالي