عليه بما فيه من
الصفات الجميلة ، خلقية كانت أو اختيارية ، ولهذا كان المدح أعم من الحمد ، قال
الخطيب التبريزي : المدح من قولهم انمدحت الأرض إذا اتسعت ، فكان معنى مدحته وسعت
شكره.
«
يا من هو أقرب » مأخوذ من قوله تعالى : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )[١] قال البيضاوي : أي ونحن أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه من
حبل الوريد تجوز بقرب الذات لقرب العلم لأنه موجبه وحبل الوريد مثل في القرب ، قال
: والموت أدنى لي من الوريد ، والحبل العرق وإضافته للبيان ، والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي
العنق في مقدمها متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه.
وقيل : سمي وريدا لأن الروح ترده ، وقال الطبرسي (ره): «
نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ » بالعلم « مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » وهو عرق يتفرق في البدن يخالط الإنسان في جميع أعضائه ،
وقيل : هو عرق الحلق عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : هو عرق متعلق بالقلب يعني نحن
أقرب إليه من قلبه عن الحسن ، وقيل : معناه نحن أعلم به ممن كان منه بمنزلة حبل
الوريد في القرب ، وقيل : معناه نحن أملك له من حبل وريده مع استيلائه عليه وقربه
منه ، وقيل : معناه نحن أقرب إليه بالإدراك من حبل الوريد لو كان مدركا ، انتهى.
وأقول : لعل
المعنى الذي قبل المعنى الأخير أقرب المعاني ففي النسبة إلى حبل الوريد إيماء إلى
جهة قربه سبحانه فإن الحياة تزول عند قطعه ، فربما يتوهم أنه علة لها فأشار إلى
أنه تعالى أقرب من جهة العلية من هذا العرق ، فإن الموجد والمحيي والمبقي هو الله
سبحانه ، وهو خلق هذا العرق وجعله من شرائط الحياة فهو سبحانه أقرب من جهة العلية
وأقوى منه وهو مسبب الأسباب وعلة العلل.