هود عليهالسلام( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي
وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها )[١] قال البيضاوي : أي إلا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها ،
والأخذ بالنواصي تمثيل لذلك « إِنَّ رَبِّي عَلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » أي أنه على الحق
والعدل لا يضيع عنده معتصم ولا يفوته ظالم انتهى.
وأقول : لما كان
الآخذ بناصية حيوان قادرا على صرفه كيف شاء ، ويدل المأخوذ له غاية التذلل ، مثل
به في الكتاب والسنة والعرف العام ، قال تعالى ( فَيُؤْخَذُ
بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ )[٢] وفي الدعاء خذ إلى الخير بناصيتي » أي اصرف قلبي إلى عمل
الخيرات ، ووجهني إلى القيام بوظائف الطاعات ، كالذي يجذب بشعر مقدم رأسه إلى
العمل ، ففي الكلام استعارة ، والناصية قصاص الشعر فوق الجبهة والجمع النواصي ،
وفي الدعاء والنواصي كلها بيدك ، وهو أيضا من باب التمثيل ، أي كل شيء في قبضتك
وملكك وتحت قدرتك ، وقوله عليهالسلام هنا « أنت أخذ » أما وصف للدابة للتوضيح والتعميم والإشارة
إلى الترقب بحصول الوقاية ، بل إلى تحققها ، ويحتمل أن يكون استئنافا بيانيا ،
كأنه قيل كيف أقي قال أنت أخذ بناصيتها ، وقيل وفي ذكر قيامه على الحق وهو الصراط
المستقيم توقع لنصرته على طاعته وتوفيقه له ، وأقول : قوله « لم يزل » جزاء الشرط في إذا خرج.