من بكذا وتستكثره
بمعنى تجده كثيرا أو بالنصب على إضمار أن وقرأ بها ، وعلى هذا يجوز أن يكون الرفع
بحذفها وإبطال عملها كما روي وأحضر الوغا بالرفع ، انتهى.
وقيل : كأنه إشارة
إلى أن لا تمنن من منه بكذا وتستكثر بدل منه ، وأن ما صدر من الخير لله سواء كان
عبادته أو الإحسان إلى عباده يجب أن لا تستكثر لأن استكثاره يوجب إخراج النفس عن
حد التقصير وعجبها وإحباط أجرها.
وأقول : اتفق القراء
على الرفع إلا الحسن فإنه قرأ بالجزم والأعمش فإنه قرأ بالنصب ، وقال الطبرسي (ره)
: قال ابن جني الجزم في تستكثر يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون
بدلا من تمنن فكأنه قال : لا تستكثر ، والآخر أن يكون لا تستكثر فأسكن الراء لثقل
الضمة مع كثرة الحركات ، وأما تستكثر بالنصب فبان مضمرة ، وذلك أن يكون بدلا من
قوله : ولا تمنن في المعنى ، ألا ترى أن معناه لا يكن منك من فاستكثار ، فكأنه قال
: لا يكن منك من أن تستكثر فتضمر أن لتكون مع الفعل المنصوب بها بدلا عن المن في
المعنى الذي دل عليه الفعل ، انتهى.
وقيل : الخبر محمول
على رواية الرفع ، وهو حال عن المستتر في لا تمنن ، والمن بمعنى النقص والإعياء ،
أو بمعنى القطع ، والنهي متوجه إلى القيد وهو الاستكثار ولذا قال عليهالسلام في التفسير : لا تستكثر ، فالمنهي عنه النقص والقطع الذين يكونان من جهة
الاستكثار لا من جهة أخرى ، قال في القاموس : من عليه منا أنعم ، واصطنع عنده
صنيعة ومنة ، والحبل قطعه والناقة حسرها ، والسير فلانا أضعفه وأعياه ، والشيء نقص
والمنان من أسماء الله تعالى وهو المعطي ابتداء وأجر غير ممنون غير محسوب ، ولا
مقطوع ، وأقول : يظهر مما ذكرنا وجوه أخر لتأويل الخبر فلا تغفل.
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 12 صفحه : 133