فقد خلع ربقة
الإسلام من عنقه ، الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها
تمسكها ، فاستعارها للإسلام يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الإسلام ، أي حدوده
وأحكامه وأوامره ونواهيه ، وتجمع الربقة على ربق مثل كسرة وكسر ، ويقال للحبل الذي
يكون فيه الربقة ربق ، ويجمع على رباق وأرباق ، انتهى.
والتعصب المذموم
في الأخبار هو أن يحمى قومه أو عشيرته أو أصحابه في الظلم والباطل ، أو يلج في
مذهب باطل أو مسألة باطلة لكونه دينه أو دين آبائه أو عشيرته ، ولا يكون طالبا
للحق بل ينصر ما لم يعلم أنه حق أو باطل للغلبة على الخصوم أو لإظهار تدربه في
العلوم ، أو اختار مذهبا ثم ظهر له خطاؤه ، فلا يرجع عنه لئلا ينسب إلى الجهل أو
الضلال ، فهذه كلها عصبية باطلة مهلكة توجب خلع ربقة الإيمان ، وقريب منه الحمية ،
قال سبحانه : « إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي
قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ »
قال الطبرسي (ره) :
الحمية الأنفة والإنكار ، يقال : فلان ذو حمية منكرة إذا كان ذا غضب وأنفه أي حميت
قلوبهم بالغضب كعادة آبائهم في الجاهلية أن لا يذعنوا لأحد ولا ينقادوا له.
وقال الراغب : عبر
عن القوة الغضبية إذا ثارت بالحمية ، فقيل : حميت على فلان أي غضبت ، انتهى.
وأما التعصب في
دين الحق والرسوخ فيه والحماية عنه ، وكذا في المسائل اليقينية والأعمال الدينية
أو حماية أهله وعشيرته بدفع الظلم عنهم ، فليس من العصبية والحمية المذمومة ، بل
بعضها واجب.
ثم إن هذا الذم
والوعيد في المتعصب ظاهر ، وأما المتعصب له فلا بد من تقييده بما إذا كان هو
الباعث له والراضي به ، وإلا فلا إثم عليه ، وخلع ربقة الإيمان إما كناية عن خروجه
من الإيمان رأسا للمبالغة أو عن إطاعة الإيمان للإخلال
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 10 صفحه : 174