المكلفين قوة
واستعدادا لإدراك الأمور من المضار والمنافع وغيرها على اختلاف كثير بينهم فيها ،
وأقل درجاتها مناط التكاليف وبها يتميز عن المجانين وباختلاف درجاتها تتفاوت
التكاليف ، فكلما كانت هذه القوة أكمل ، كانت التكاليف أشق وأكثر ، وتكمل هذه
القوة في كل شخص بحسب استعداده بالعلم والعمل ، فكلما سعى في تحصيل ما ينفعه من
العلوم الحقة ، وعمل بها تقوى تلك القوة ، ثم العلوم تتفاوت في مراتب النقص
والكمال ، وكلما ازدادت قوة تكثر آثارها ، وتحت صاحبها بحسب قوتها على العمل بها ،
فأكثر الناس علمهم بالمبدء والمعاد وسائر أركان الإيمان علم تصوري يسمونه تصديقا ،
وفي بعضهم تصديق ظني ، وفي بعضهم تصديق اضطراري ، فلذا لا يعملون بما يدعون ، فإذا
كمل العلم وبلغ درجة اليقين تظهر آثاره على صاحبه كل حين ، وسيأتي تمام تحقيق ذلك
في كتاب الإيمان والكفر إن شاء الله تعالى.
الثالث : القوة
التي يستعملها الناس في نظام أمور معاشهم ، فإن وافقت قانون الشرع ، واستعملت فيما
استحسنه الشارع تسمى بعقل المعاش ، وهو ممدوح في الأخبار ومغايرته لما قد مر بنوع
من الاعتبار وإذا استعملت في الأمور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بالنكراء
والشيطنة في لسان الشرع ، ومنهم من ثبتوا لذلك قوة أخرى وهو غير معلوم.
الرابع : مراتب
استعداد النفس لتحصيل النظريات وقربها وبعدها من ذلك وأثبتوا لها مراتب أربعا
سموها بالعقل الهيولاني والعقل بالملكة ، والعقل بالفعل ، والعقل المستفاد ، وقد
تطلق هذه الأسامي على النفس في تلك المراتب ، وتفصيلها مذكور في مظانها ويرجع إلى
ما ذكرنا أو لا ، فإن الظاهر أنها قوة واحدة ، تختلف أسماؤها بحسب متعلقاتها وما
تستعمل فيه.
الخامس : النفس
الناطقة الإنسانية التي بها يتميز عن سائر البهائم.
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 1 صفحه : 26