او ليس بحرام وهكذا ، بل لا بدّ من إحراز ذلك من الخارج ، فان أحرزنا أنّه راجح صح النذر ، وإن لم يحرز ذلك ـ سواء أحرزنا أنّه مرجوح كالمكروه أو الحرام أم لم يحرز ـ فهو غير صحيح.
وعليه فبما أنّ ما دل على حرمة شيء كشرب الخمر مثلاً أو كراهته باطلاقه يدل عليها حتى بعد تعلق النذر به أيضاً ، فلا محالة لا يكون مثل هذا النذر صحيحاً لمرجوحية متعلقه ولا يشمله عموم وجوب الوفاء بالنذر لما عرفت ، ولا يقاس ذلك بمسألتي صحة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بالنذر ، فانّ صحته في تلك المسألتين إنّما هو من ناحية الروايات الخاصة ، ومن الواضح أنّنا نستكشف من هذه الروايات أنّ تعلق النذر بهما ملازم لانطباق عنوان راجح عليهما أو موجب له ، ولأجله يصح النذر ويجب الوفاء به ، فتكون تلك الروايات مقيدةً لاطلاق أدلة عدم مشروعية الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بغير صورة النذر.
وبكلمة اخرى : أنّ الظاهر كفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر ، يعني أنّ تعلقه بشيء إذا كان موجباً لانطباق عنوان راجح عليه أو ملازم له ولكن إحراز ذلك يحتاج إلى دليل ففي كل مورد قد دل الدليل على ذلك ولو بالدلالة الالتزامية فلا إشكال في صحة النذر فيه كما هو الحال في تلك المسألتين ، وأمّا إذا لم يكن دليل على ذلك فلا يمكن إحرازه ، وبدونه لا يمكن الحكم بصحة النذر أصلاً.
فالنتيجة في نهاية الشوط : هي أنّ صحة الصوم في السفر بالنذر وكذا الإحرام قبل الميقات إنّما هي من ناحية أحد أمرين ، إمّا من ناحية أن ما دل على صحتهما بالنذر يكون مقيداً لاطلاق ما دل على اعتبار الرجحان في متعلقه ،