الجعل حيث قد عرفت الكلام فيها ، وأنّ الجعل بما أنّه فعل اختياري للجاعل فلا وعاء لشرائطه إلاّ النفس ولا دخل للوجود الخارجي فيه أصلاً.
وهذا بخلاف شرائط المجعول ، فانّها حيث كانت عبارة عن القيود المأخوذة في موضوعه في مقام الجعل فيستحيل تحققه وفعليته بدون تحققها وفعليتها ، وذلك كالاستطاعة مثلاً التي أخذت في موضوع وجوب الحج ، فانّها ما لم تتحقق في الخارج لا يكون وجوب الحج فعلياً ، وكالعقد الذي اخذ في موضوع الملكية أو الزوجية ، فانّه ما لم يوجد خارجاً لا تتحقق الملكية أو الزوجية. وعلى الجملة : ففعلية الحكم تدور مدار فعلية موضوعه المأخوذ مفروض الوجود في مرحلة الجعل ، ومن هنا وقع الاشكال فيما إذا كان الشرط متأخراً زماناً عن الحكم.
فالنتيجة لحدّ الآن أمران : الأوّل : أنّ فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه المأخوذ مفروض الوجود في ظرف التشريع. الثاني : أنّ كلامه قدسسره مبني على الخلط بين شرائط الجعل وشرائط المجعول ، وقد مرّ أنّه لا صلة لاحداهما بالاخرى أصلاً.
وعلى ضوء هذه النتيجة قد التزم شيخنا الاستاذ قدسسره[١] باستحالة الشرط المتأخر بدعوى أنّ الموضوع في القضايا الحقيقية قد اخذ مفروض الوجود بتمام شرائطه وقيوده ، ومن الطبيعي أنّ الموضوع ما لم يتحقق في الخارج كذلك يستحيل تحقق الحكم ، حيث إنّ نسبة الموضوع إلى الحكم كنسبة العلّة التامة إلى معلولها ، ففرض فعلية الحكم قبل وجود موضوعه ولو من ناحية عدم وجود قيد من قيوده كفرض وجود المعلول قبل وجود علته ، والسر فيه