فلو كان زمن النطق داخلاً في مفهومها لزم التجوّز في هذه الأمثلة لا محالة ، وكذا لا دلالة فيها على أحد الأزمنة الثلاثة أيضاً ، وذلك لأنّ تلك الأوصاف كما تستند إلى الزمانيات ، كذلك تستند إلى نفس الزمان وإلى ما فوقه من المجردات ، مع أنّه لايعقل أن يكون للزمان زمان ، وكذا للمجرّدات ، والاسناد في الجميع على نسق واحد ، ولو كان خصوص زمان أو أحد الأزمنة داخلاً في مفهومها لكان إسنادها إلى نفس الزمان وما فوقه محتاجاً إلى لحاظ عناية وتجريد.
نعم ، إذا اسندت إلى الزمانيات تدل على أنّ تلبس الذات بالمبدأ واقع في أحد الأزمنة ، وهذا لا من جهة أنّ الزمان مأخوذ في مفهومها جزءاً أو قيداً ، بل من جهة أنّ قيام الفعل بالفاعل الزماني لا يكون إلاّفي الزمان ، فوقوعه في أحد الأزمنة ممّا لا بدّ منه.
ومن هنا يظهر أنّ المراد من الحال ليس زمن النطق والتكلم ولا أحد الأزمنة الثلاثة ، بل المراد منه فعلية تلبس الذات بالمبدأ ، إذن مرجع النزاع إلى سعة المفاهيم الاشتقاقية وضيقها ، بمعنى أنّ المشتقات هل هي موضوعة للمفاهيم التي مطابقها في الخارج خصوص الذات حال تلبسها بالمبدأ ، أو الأعم من ذلك ومن حال الانقضاء ، فبناءً على القول بالأعم كانت مفاهيمها قابلة للانطباق خارجاً على فردين : هما المتلبس فعلاً والمنقضي عنه المبدأ. وعلى القول بالأخص كانت مفاهيمها غير قابلة للانطباق إلاّعلى فرد واحد ، وهو خصوص المتلبس بالمبدأ فعلاً.
وأمّا ما يقال : من أنّ الظاهر من إطلاق المشتقات وحملها على شيء هو فعلية تلبس الذات بالمبدأ حين النطق والتكلم ، فانّ الظاهر من قولنا : زيد قائم كونه كذلك بالفعل وفي زمان النطق ، فلا معنى للنزاع في كون المشتق موضوعاً