نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 403
ومن سورة الرعد
٣٦٢ ـ مسألة : قالوا : ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه جسم يجوز عليه المكان والاستواء واللقاء ، فقال : ( اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ... )[١] إلى قوله : ( لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ).
والجواب عن ذلك : أنا قد بينا من قبل أن الاستواء : المراد به الاستيلاء والاقتدار ، وكشفنا ذلك بما يغنى عن ذكره الآن [٢]. وبينا أن لفظة : « ثم » وإن اقتضت الاستقبال فإنها فى هذا المكان داخلة على تسخير الشمس والقمر وتدبير الأمر ، دون الاستواء ، فكأنه قال تعالى : ثم سخر الشمس والقمر ، يدبر الأمر ، يفصل الآيات وهو مستو على العرش ؛ لأنه لا يجوز أن يصير مقتدرا عليه بعد أن لم يكن كذلك ؛ لأن هذا المعنى لا يصح فى صفات ذاته.
وقد استدل شيوخنا ، رحمهمالله ، بهذه الآيات ضد المشبهة ، لأنه بين تعالى أنه رفع السموات بغير عمد يرونها ، وذلك لا يصح فى الأجسام ، لأنه إنما يصح أن يفعل رفع الثقيل بعمد هو بعضه أو غيره ، ومتى لم يعمده بذلك لم يصح منه رفعه ، فدل على أنه تعالى قادر لذاته ، وأنه ليس بجسم.
فإن قال : لم ينف تعالى العمد ، وإنما نفى عمدا نراها ، فلا يمتنع إثبات عمد لا نراها!