نام کتاب : كيف نفهم الرّسالة العمليّة نویسنده : المؤمن، محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 53
وأمّا غيرهم ـ فباختصار ـ نشير إلى بعض
الطرق التي تناسبهم والمؤدّية إلى معرفة الله ـ تعالى ـ والإيمان به عندهم :
ألف : حين يتأمّل الإنسان ذاته وما يحيط
به من المدرَكات ، ثم يتأمّل ويلاحظ كلّ جزء من أجزائها ، فإنّه يجد أنّ
عدم ذلك الجزء وتلك الذّرّة ليس بالأمر المحال ، وأنّ وجوده وعدمه سيّان ،
فليس لذاته ضرورة الوجود ولا ضرورة العدم ، وكلّ ما كان وجوده وعدمه سيّان
فهو يحتاج إلى سبب يوجده ، ولمّا كان وجود كلّ جزء من أجزاء العالم محتاجاً
إلى منعم الوجود ومانح الوجود فإنّ معطي الوجود ومانحه إمّا نفس الوجود ،
أو غيره من سائر الموجودات ، ولكنّه يستحيل أن يكون هو الّذي منح نفسه
الوجود ، وأوجد نفسه ، لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، وأنّي له أن يمنح نفسه
الوجود وهو بعدُ لا وجود له ـ أي قبل أن يوجَد ـ ، وإمّا أن يكون الموجِد
له موجوداً آخر مثله ونظيره ، وهذا محال أيضاً لأنّ من يعجز عن إيجاد نفسه
فهو أعجز عن إيجاد غيره ، وهذا الحكم الجاري على أجزاء العالم فهو جارٍ على
العالم بأسره.
ولهذا السبّب فإنّ وجود الكائنات
وكمالات الوجود ـ كالحياة والعلم والقدرة ـ تدلّ على وجود حقيقة يكون
وجودها وحياتها وعلمها وقدرتها ذاتيّة ، نابغة من حاقّ ذاتها ، غير متعلّقة
نام کتاب : كيف نفهم الرّسالة العمليّة نویسنده : المؤمن، محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 53