وقد عرف المدعي لما ذكرنا بتعريفات : أحدها أن يكون قوله مخالفا للأصل ، والثاني من يدعي خلاف الظاهر ، والثالث من لو ترك ترك. والكلام تارة في كشف معانيها وأخرى في تعيين الصحيح منها ، فنقول :
( أما الأول ) فالمراد بالأصل ليس هو الأصل الاولي ـ أعني أصالة العدم ـ بل كل أصل أو أمارة شرعية يكون مرجعا في مقام العمل ، فيشمل نحو أصالة الصحة واليد ونحوهما من الأصول والأمارات الشرعية.
ودعوى أن المراد به خصوص أصالة العدم أو ما يعمه وسائر الأصول العملية كالبراءة والاستصحاب. بمعزل عن الركون إليها ، يفصح عن ذلك ما في رواية منصور بن حازم [١] من الاستدلال على عدم قبول البينة من ذي اليد لكونه مدعيا كما يفصح عنه سائر ما اتفق الكل على كونه مدعيا مع عدم مطابقة قوله لأصل العدم أو للاستصحاب ، مثل مدعي الصحة في العقود ، فإنها قاعدة ثانوية حاكمة أو مخصصة بقاعدة الاستصحاب ، وغير ذلك مما لا يخفى.
والحاصل ان المراد بالأصل هنا القاعدة ، فمحصل التعريف أن الخصمين إذا تنازعا نوظر في أن قول أيهما يوافق القاعدة التي هي المرجع ، سواء كان مخالفا للأصل أم موافقا.
والثمرة تظهر في مورد أصل الصحة واليد ، فان قول مدعي الصحة والملكية وان كان مخالفا لأصل العدم الا أنه موافق للقاعدة الشرعية الثانوية.
وقد يشكل ذلك بما إذا ادعى ذو اليد تلقي الملك من المدعي ، فان المرجع فيه أيضا هو البناء على مقتضى اليد مع قطع النظر عن مقام الخصومة ، بل مع