فأمّا الفقير فهو الذي لا شيء معه ، وأمّا المسكين فهو الذي له بلغة من العيش ، لا يكفيه طول سنته وقال بعض أصحابنا عكس ذلك ، وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في نهايته [٢] وقال في جمله وعقوده [٣] وفاق ما ذهبنا إليه ، واخترناه ، وهكذا في مسائل خلافه [٤] ، ومبسوطة [٥] ، وهو الصحيح من أقوال أهل اللغة والفقهاء ، لأنّ بين الفريقين اختلاف في ذلك ، والذي يدل على صحّة ذلك قوله تعالى : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ )[٦] فسماهم مساكين ، ولهم سفينة بحرية ، تساوي جملة من المال ، وهذا بخلاف ما يذهب إليه المخالف في المسألة ، وقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) ووجه الدلالة من الآية أنّ القرآن نزل على لسان العرب ، ولغتها ، ومذاهبها ، ومخاطباتها ، وموضوع كلامها ، والعرب تبدأ بالأهم فالأهم ، فلمّا كان الفقير أسوأ حالا من المسكين ، بدأ به تعالى ، ولا يلتفت إلى قول الشاعر :
أمّا الفقير الذي كانت حلوبته
وفق العيال فلم يترك له سبد
لأنّه لا يجوز العدول عن الآيتين من القرآن إلى بيت شعر. وأيضا فالبيت المتمسك به ، ليس فيه دلالة على موضع الخلاف ، لأنّ كل واحد من الفقير والمسكين ، إذا ذكر على الانفراد ، دخل الآخر فيه ، وانّما يمتاز أحدهما عن الآخر ، ويحتاج إلى الفرق إذا اجتمعا في اللفظ ، وآيات القرآن جمعتهما في اللفظ.
وأمّا العاملون عليها ، فهم الذين يسعون في جباية الصدقات.
[١] التوبة : ٦٠ [٢] النهاية : كتاب الزكاة ، باب مستحق الزكاة. [٣] الجمل والعقود : كتاب الزكاة فصل ١١ من مستحق الزكاة. [٤] الخلاف : ج ٢ كتاب قسمة الصدقات مسألة ١٠. [٥] المبسوط : كتاب الزكاة كتاب قسمة الزكاة والأخماس والأنفال ص ٢٤٦ [٦] الكهف : ٧٩.
نام کتاب : كتاب السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 456