يذوقوا إلا الماء القراح ، وأصبحوا صياما ، وعمدت فاطمة عليهاالسلام إلى باقى الصوف فغزلته وطحنت الصاع الباقى وخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص وصلى علىّ عليهالسلام المغرب مع النبى صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم ثم أتى منزله فقربت اليه الخوان ثم جلس ، فأول لقمة كسرها إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد إن الكفار أسرونا وقيدونا وشدونا فلم يطعمونا فوضع علىّ عليهالسلام اللقمة من يده وقال :
فاطمة ابنة النبى أحمد
بنت نبى سيد مسود
هذا أسير جاء ليس يهتد
مكبل فى قيده المقيد
يشكو الينا الجوع والتشدد
من يطعم اليوم يجده فى غد
عند العلى الواحد الموحد
ما يزرع الزراع يوما يحصد
فأقبلت فاطمة عليهاالسلام تقول :
لم يبق مما جاء غير صاع
قد دبرت كفى مع الذراع
وابناى واللّه ثلاثا جاعا
يا رب لا تهلكهما ضياعا
ثم عمدت إلى ما كان فى الخوان فأعطته إياه فأصبحوا مفطرين وليس عندهم شىء ، وأقبل علىّ والحسن والحسين عليهمالسلام نحو رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع ، فلما أبصرهما رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم قال : يا أبا الحسن أشد ما يسوءنى ما أدرككم انطلقوا بنا إلى ابنتى فاطمة فانطلقوا اليها وهى فى محرابها وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلما رآها رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم ضمها اليه وقال : واغوثاه ، فهبط جبريل عليهالسلام وقال : يا محمد خذ ضيافة أهل بيتك ، قال : وما آخذ يا جبريل؟ قال : (ويُطْعِمُونَ اَلطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً ويَتِيماً وأَسِيراً ـ إلى قوله ـ وكٰانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).