يذكر العلم ويريد المعلوم كما ذكرنا من قبل فالمراد به أنه لا يقع من إبليس إلا الوسوسة والترغيب في المعاصي وعند ذلك يتميز من يؤمن ممن يشك ويجهل ولذلك قال بعده ( وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) أي هو انه عالم بهذه الامور قبل أن تقع.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) من المراد بذلك وما معنى قوله لمن بعد ( حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ ) وما الفائدة في هذا الجواب؟ وجوابنا ان المراد بذلك الملائكة بيّن تعالى انهم لا يشفعون إلاّ بإذنه وأنهم بخلاف الشياطين فلا يقع منهم إلا ما هو طاعة لله تعالى وفي الخبر عن ابن مسعود أنه تعالى إذا أراد أن يكلم ملائكته بما لا يريد ظهوره لغيرهم يحدث في السماء صوتا عظيما يفزع منه سائر الملائكة فإذا انجلى يقولون للملائكة الذين كلمهم الله ما ذا قال ربكم فيجيبون بقولهم قالوا الحق أي قال ربنا الحق فيعلمون أن ذلك من الباب الذي يجب أن لا يظهر فهذا معناه وقد قيل ان الملائكة الذين ينزلون لكتب أعمال العباد إذا نزلوا فزع من هو دونهم من ذلك وتوهموا أن ذلك لقيام القيامة فيسألون ويجابون بما تقدم فأما قوله من بعد ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) فالمراد بيان الحق وتمييزه من الضلال كما يقوله أحدنا لمن يستدعيه لأنه صلّى الله عليه وسلم كان يعلم أنه على هدى وأن المشركين على ضلال وقوله تعالى من بعد ( وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ) دليل قوي على ان العبد هو القادر عليه لأنه تعالى لو كان هو الخالق فيهم الايمان لما صح أن يقولوا لو لا انتم