responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنزيه القران عن المطاعن نویسنده : عبد الجبّار، عماد الدين    جلد : 1  صفحه : 215

إلا على من يتّبعه فيقبل منه الوسوسة وعلى هذا الوجه كرر تعالى في القرآن التحذير من الشيطان فحاله في ذلك دون حال الواحد من الانس إذا رغب غيره في المعاصي فعلى هذا الوجه قال تعالى ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) التابع والمتبوع ثمّ بين تعالى ما للمتقين من المنزلة بقوله تعالى ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ) الى آخر الآيات وأدب الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلم بقوله ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ ) فأمره بتحقير ما عليه الكفار من متاع الدنيا وأمره بالتواضع لمن آمن به وأمره بأن يقوم بالانذار في كلا الفريقين فلا يمنعه تمنع القوم عن الانذار كما لا يمنعه ايمان من آمن به عن ذلك. ثمّ أقسم تعالى بعد ذلك على أنه يسألهم أجمعين عما كانوا يعملون ولم يقتصر على الخبر حتى اكده بالقسم زجرا للناس عن المعاصي فان من تصوّر أن معاصيه طول عمره محصية عليه يصير في الآخرة كالمشاهد لها جميعها يزجره ذلك عن الاقدام عليها وترك التوبة منها ولذلك قال بعده للرسول صلّى الله عليه وسلم ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) فقد أقمت الحجة عليهم ( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) الذين يقع في قلبك الخوف منهم فشبّهه تعالى بالصّادع في الابلاغ والانذار ليكون مقيما للحجة على من آمن وكفر واكد تعالى بقوله ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ) فقد كانوا ينسبونه مرة الى السحر ومرة الى الجنون ومرة الى الفرية ومثل ذلك يعظم على المرء ويأنف منه فقوّى الله تعالى قلبه على احتماله وعلى ألا يجعله سببا للفتور في الابلاغ والبيان فلذلك قال بعده ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) وهذه الآداب وان خص الله تعالى بها الرسول صلّى الله عليه وسلم فهي عامة في سائر الناس وهي من عظيم نعم الله تعالى على خلقه إذا تأملوه وتمسكوا به فما أحد من المكلفين إلا وله وليّ وعدو يتردد بين محن ونعم فكل ذلك تأديب له.

نام کتاب : تنزيه القران عن المطاعن نویسنده : عبد الجبّار، عماد الدين    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست