٣ ـ مسألة امتناع انفكاك العلّة التامّة عن معلولها.
٤ ـ قولهم : بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها.
أمّا المسألة الأولى ـ لو سلّم كونها قاعدة عقلية لا تقبل التخصيص [١] ـ فموضوعها ما إذا كانت العلّية والفاعليّة بالرشح والفيضان بمعناه الحقيقيّ عن ذات العلّة ، أو بتجلّي العلّة بذاتها في أطوارها وشئونها ، وأمّا الحقّ المتعالي عن أن يتولّد منه شيء ، أو يتغيّر بفعله ، أو يتطوّر ، وكانت فاعليّته بالمشيّة والإبداع لا من شيء ، بلا تغيّر أو تطوّر في ذاته ـ كما في غير واحدة من الروايات [٢] ـ فلا تجري القاعدة المذكورة فيه.
وكذلك المسألة الثانية موضوعها أيضا ما ذكرنا. وأمّا إذا كانت الخلقة بنحو الإبداع لا من شيء وكان الفاعل لا يشغله شأن عن شأن ، ولا علم شيء عن علم شيء ، ولا خلق شيء عن خلق شيء ، ولا يتغير بفعله ، وليس كمثله شيء ، فلا مانع عقلا من أن يخلق الأشياء المختلفة المتعددة في ساعة واحدة بلا سبق لأحدهما على الآخر ، قال الله تعالى : ( ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ )[٣].
وفي رواية الهرويّ عن الرضا 7 : ... وكان قادرا أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنّه عزّ وجلّ خلقها في ستّة أيام ، ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء ، فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرّة بعد مرّة ... [٤].
أما المسألة الثالثة فموضوعها ما إذا كان كمال ذات الفاعل ـ مضافا إلى تماميته في ما به قوام ذاته ـ كونه فوق التمام ، أي تامّ الفاعلية دائما ، بمعنى أن يكون له الفيض الدائم ، وكان الفيض من سنخ ذات الفاعل ومنشأ منه ، كي يكون قطعه مستندا إلى نقص في ذات الفاعل ، الواجب عقلا تنزيه القديم منه.
[١] إشارة إلى ما حكي عن ابن سينا في مباحث العلّة من إلهيّات الشفاء : أنّ العلّة الفاعليّة لا يجب أن تفعل ما يشابهها. وإشارة إلى ما عن أكثر الفلاسفة المشّائين من كون الموجودات حقائق متباينة. [٢] كما يأتي ذكرها في المسألة الثالثة. [٣] لقمان ٢٨. [٤] البحار ٣ : ٣١٨ ، عن التوحيد والعيون.