وعزّ أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها. ومن قال بهذا القول فقد ظلّم الله في حكمه وكذّبه ، وردّ عليه قوله : ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً )[١] ، وقوله : ( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )[٢] ، وقوله : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[٣] ، مع أي كثيرة في ذكر هذا. فمن زعم أنّه مجبر على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله وقد ظلّمه في عقوبته ، ومن ظلّم الله فقد كذّب كتابه ، ومن كذّب كتابه فقد لزمه الكفر بإجماع الأمّة [٤].
وفيه عن الطرائف : حكي أنّ الحجّاج بن يوسف كتب إلى الحسن البصري ، وإلى عمرو بن عبيد ، وإلى واصل بن عطاء ، وإلى عامر الشعبي ، أن يذكروا ما عندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر ، فكتب إليه الحسن البصري : إنّ أحسن ما انتهى إليّ ما سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 أنّه قال : أتظنّ أنّ الذي نهاك دهاك؟! وإنّما دهاك أسفلك وأعلاك ، والله بريء من ذاك. وكتب إليه عمرو بن عبيد : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 : لو كان الزور في الأصل محتوما لكان المزوّر في القصاص مظلوما. وكتب إليه واصل بن عطا : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 : أيدلّك على الطريق ويأخذ عليك المضيق؟! وكتب إليه الشعبي : أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 : كل ما استغفرت الله منه فهو منك ، وكل ما حمدت الله عليه فهو منه. فلما وصلت كتبهم إلى الحجاج ووقف عليها قال : لقد أخذوها من عين صافية [٥].
وعن التوحيد ومعاني الأخبار بإسناد رفعه إلى الصادق 7 أنّه سأله رجل فقال له : إنّ أساس الدين التوحيد والعدل ، وعلمه كثير لا بدّ لعاقل منه ، فاذكر ما يسهل الوقوف