والمدعى انّ هذه القاعدة من القواعد العقلائية والتي يستكشف إمضاء الشارع لها بواسطة عدم الردع عنها رغم استحكامها في المرتكزات العقلائيّة والجري على وفقها في شئونهم اليوميّة ، فعدم التصدي للردع عنها لو لم تكن متناسبة مع المتبنيات الشرعية يهدّد بانسحابها الى الشئون الشرعيّة ، وهذا ما ينافي حكمة الشارع لو لم تكن متناسبه مع أغراضه ممّا يعبّر عدم الردع عن امضائه لهذه القاعدة ومناسبتها لأغراضه ومتبنياته ، وبهذا يصحّ الاستناد إليها في الشئون الشرعيّة.
هذا هو أقصى ما يمكن أن تقرّر به حجيّة هذه القاعدة ، وقبل التعرّف على تماميّة هذه الدعوى أو عدم تماميّتها لا بدّ من البحث عن حدود هذه القاعدة. وهنا مجموعة من الاحتمالات :
الاحتمال الاول : انّ هذه القاعدة مطردة في تمام الحالات التي يدور فيها الأمر بين دفع المفسدة وجلب المصلحة ، أي سواء كانت المفسدة أقوى من المصلحة أو كانت المصلحة هي الأقوى ، فدفع المفسدة دائما هو المقدّم مهما تعاظمت المصلحة المقابلة لها ومهما تضاءلت المفسدة المنافية لجلب المصلحة ، من غير فرق بين أن يكون متعلّق الدوران فعلا واحدا ، كما لو كان الفعل مشتملا على مصلحة