الانتفاء أو لا هو ضروري الثبوت ولا هو ضروري الانتفاء ، فالأوّل يعبّر عنه بالوجوب ، والثاني يعبّر عنه بالامتناع ، والثالث يعبّر عنه بالإمكان ، وهذه القسمة عقليّة حاصرة.
ثمّ انّ نسبة الفعل الى فاعله لا تكون إلاّ بنحو الوجوب والضرورة التكوينيّة ، بمعنى انّ الفعل ما لم يجب لا يوجد ، فلا بدّ أن تكون النسبة بين الفعل « المعلول » وفاعله « العلّة » هي الضرورة وإلاّ استحال وجود الفعل ، ولا يختلف الحال في ذلك بين الأفعال الاختياريّة وبين الأفعال غير الاختياريّة ، فهي على حدّ سواء من جهة هذه القاعدة وهي « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد » ، ولهذا وقعوا في مشكلة عويصة جدا ، وهي كيفيّة تفسير معنى الاختيار في الافعال الاختياريّة.
وأمّا السيّد الصدر رحمهالله فهو في راحة من هذه المشكلة ، وذلك لأنّه ادّعى انّ النسبة بين الفاعل وفعله قد تكون الوجوب وقد تكون الامتناع وهذه النسبة هي المعبّر عنها بالضرورة التكوينيّة ، وقد تكون النسبة بين الفاعل وفعله هي نسبة السلطنة ، والاولى هي نسبة الفاعل الى الأفعال غير الاختياريّة ، وهي موضوع قاعدة « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد » ، والثانية هي نسبة الفاعل المختار الى الأفعال الاختياريّة وهي غير مشمولة لقاعدة « انّ الشيء ما لم يجب لا يوجد ».
وعليه يكون تمام القاعدة هو « انّ الشيء لا يوجد إلاّ بالوجوب أو السلطنة » ، والوجوب معناه لا بدّية الفعل ، وأمّا السلطنة فهي بمعنى « انّ له أن يفعل وله أن لا يفعل » ، والتباين بين الوجوب وبين السلطنة واضح بعد بيان المراد منهما.
وعليه يتّضح الفرق بين الضرورة التكوينيّة والضرورة الخلقيّة ، فالأولى هي نسبة الفعل غير الاختياري الى الفاعل ، وأمّا الثانية فهي نسبة واقعيّة بين السلطنة وبين الفعل ، إذ انّ