الجواب : وقد قال صدر الدين الشيرازي في جوابهما : ( فأزال الله تعالى هذا الاستبعاد والاستنکار بقوله تعليماً لنبيه : (قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ)، [٢] فنبه تعالى عباده بأن لا تزاحم بين الأجساد في نحو الوجود الأخروى ؛ لما ذکرناه أن الصورة هناک غير قائمة بالمواد الوضعية المقيدة بالجهات المکانية ، وأنها ناشئة من تصورات نفسانية ، کما لا تزاحم في الصور الموجودة في أذهاننا ها هنا ؛ لأن لها نحواً آخر من الکون ، وکذا ميقات الآخرة وساعة يوم القيامة يوم معلوم عند الله وخواص عباده ، لا يصل إلى إدراکه أفهام المحجوبين عن نشأة الآخرة المقيدين بأمکنة الدنيا وأزمنتها ... فإن أمور القيامة أسرار غائبة عن هذا العالم البشرى ، فلا يتصور أن يحيط بها الإنسان مادام في الدنيا ، ولم يتخلص عن أسرار الحواس وتغليظ الوهم ، ولذلک أکثر شبه المنکرين مبناها على قياس الآخرة بالأولى ... فالنفس الإنسانية مادام لم تولد ثانية ولم تخرج عن بطن الدنيا ومشيمة البدن ، لم تصل إلى فضاء الآخرة وملکوت السماء والأرض ، کما قال المسيح 7 : لن يلج السماوات من لم يولد مرتين ... ). [٣]
٩. في أصناف الخلائق يوم القيامة
لقد بيّن القرآن الکريم من خلال آياته النازلة في صدد ما يتعلق بمسألة المعاد والحشر والنشر والحساب في اليوم الآخر ، أن جميع الخلق سيعود إليه في ذلک اليوم من دون أن يستثنى أحدا منهم ، لقوله تعالى : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) ، [٤] إذ لم يجعل الحشر والمعاد مختصا بالإنسان فقط ، بل شمل کل
[١] الواقعة ، ٤٧. [٢] الواقعة ، ٤٩ ، ٥٠. [٣] الأسفار ، ج ٩ ، ص ٢١٧. [٤] الأنعام ، ٣٨.
نام کتاب : المعاد الجسماني نویسنده : الساعدي، شاكر عطية جلد : 1 صفحه : 251