ولقته حمنة بنت جحش فنعى إليها أخاها عبد الله فاسترجعت ، ثم نعى إليها أخاها حمزة فاستغفرت له ، ثم نعى لها زوجها مصعب بن عمير فولولت وصاحت.
ولكن لا كالرباب [١] زوجة أبي عبد الله فانّها بقيت بعده لا تستظل تحت سقف بيت حتى ماتت كمداً ، وكانت تجلس في هجير الشمس من أوّل النهار إلى آخره ، وتقابلها ابنتها سكينة بالنوح واللطم ، وكانت زينب مع حزنها ترقّ لها وهي تندب الحسين أشجى ندبة ، فتقول لها : اُخيّة يا رباب قومي إلى الظل.
فتقول لها : يا سيدتي لا تلوميني فانّي تركت سيّدي ومولاي عارياً بالعراء مطروحاً على الرمضاء بحرارة الشمس ، وكانت تقول في ندبتها :
ثم لا تزال تنادي : وا سيّداه وا حسيناه ، حتى تتفطّر لها القلوب ، ويتصدّع لها الصخر الأصم.
نادت فقطعت القلوب بشجوها
لكنّما انتظـم البيـان فـريدا
إن تنع أعطت كلّ قلب حسرة
أو تدع صدّعت الجبال الميدا
تدعو بلهفة ثاكلٍ لعب الأسى
بفؤاده حتى انطوى مفـؤودا
__________________
[١] الرباب بنت امرئ القيس بن عدي ، زوجة الحسين عليهالسلام ، كانت معه في وقعة كربلاء ، وبعد استشهاده جيء بها مع السبايا إلى الشام ، ثمّ عادت إلى المدينة ، فخطبها الأشراف ، فأبت ، وبقيت بعد الحسين لم يظلّها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً ، وكانت شاعرة لها رثاء في الحسين عليهالسلام. انظر : المحبر ٣ : ١٣ ، أعلام النساء ١ : ٣٧٨.