فجعلوه عليهم رئيساً وحكماً؟ أما واللات والعزّى ليقسمنّ بينهم حظوظاً وجدوداً ، وليكوننّ له بعد هذا اليوم شأن ونبأ عظيم ».
وكان أبو طالب حاضراً ، فلمّا سمع هذا الكلام انشأ يقول :
إنّ لنا أوّله وآخره
في الحكم العدل لن ينكره
قاتل الله أهـل العناد « فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » [١] ، كذّبوه وانّهم ليعلمونه الصادق الأمين ، وأنكروا نبوّته ، وهم منها على يقين « وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم » [٢] ، ثم لم يألوا جهداً ، ولم يدخروا وسعاً في اطفاء نور الله من مشكاته « ويأبى الله الا أن يتمّ نوره ... ولو كره المشركون » [٣].
ظلموه وشتموه وأجلوه عن حرم الله عز وجل مسقط رأسه ، ومحل اُنسه ، ثم لم يكتفوا بما كان منهم في مكة المعظمة من فضائع وفجائع ، واُمور تستك منها المسامع ، حتى غزوه وهو في دار هجرته ، ومحل غربته ، فكانت حروب تشيب الأطفال ، وتميد بها الجبال ، لكنّها والحمد لله طحنتهم بكلكلها ، وقرّت الكلاب أشلاءهم ، « وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويّاً عزيزاً » [٤].
بأبي أنت واُمّي يا رسول الله ، بأبي أنت واُمّي يا نبي الرحمة ، كم أسديت لهذه الاُمّة من نعمة ، وكم لك عليها من يد بيضاء تستوجب الشكر والثناء.
[١] سورة البقرة : ٨٩. [٢] سورة النمل : ١٤. [٣] سورة التوبة : ٣٢ ـ ٣٣. [٤] سورة الأحزاب : ٢٥.