فقال له : جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده. [١]
وقوله لمّا اُخبر بقتل قيس بن مسهّر الصيداوي [٢] ـ كما في تاريخ الطبري وغيره ـ : فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً. [٣]
إلى غير ذلك من أقواله الصريحة بانّه كان على يقين ممّا انتهت إليه حاله ، وانّه ما خرج الا ليبذل في سبيل الله نفسه وجميع ما ملكته يده ، ويضحي في احياء دين الله أولاده واخوته ، وأبناء أخيه ، وبني عمومته وخاصّة أوليائه ، والعقائل الطاهرات من نسائه.
إذ لم ير السبط للدين الحنيف شفاً
الا إذ دمه في نصره سفكا
وما سمعنـا عليـلاً لا علاج له
الابنفـس مداويـه إذا هلكا
[١] أنساب الأشراف ٥ : ٢٩٠. [٢] قيس بن مسهر أسدي من عدنان ، كان من شجعان الكوفة ومن وجهاء قبيلة بني اسد ، وأحد مبعوثي الكوفة إلى الإمام الحسين سار مع مسلم بن عقيل من مكّة إلى الكوفة ، وبعد مدّة حمل كتاب مسلم وسار به إلى الحسين بمكة يخبره بمبايعة أهل الكوفة له.
ولمّا وافى الامام الحسين الحاجز من بطن ذي الرمّة ، كتب كتاباً لشيعته من أهل الكوفة يعلمهم بالقدوم اليهم ، ودفع الكتاب إلى البطل الفذ قيس بن مسهّر الصيداوي ، حتى انتهى إلى القادسية فاستولت عليه مفرزة من الشرطة اقيمت هناك وعلى رأسها الحصين بن نمير وهو من قادة جيش الكوفة ، وأسرع قيس إلى الكتاب فخرقه لئلا تطّلع الشرطة على ما فيه ، وأرسل مخفوراً إلى عبيد الله بن زياد ، الذي لم ينجح في الحصول على الأسماء الواردة الكتاب.
ولما تناهى خبر استشهاده إلى الحسين استعبر باكياً وقال : « اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً عندك ، واجمع بيننا وإيّاهم في مستقر رحمتك ». انظر : الارشاد للمفيد : ٢٢٠ ، تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥ ، رجال الشيخ : ٧٩ ، حياة الإمام الحسين ٣ : ٦٢.