من زعم فيما أعلم أنّ أكثر أحاديث أصحابنا المأخوذة من الاصول الّتي ألفوها بأمر أصحاب العصمة عليهمالسلام وكانت متداولة بينهم وكانوا مأمورين بحفظها ونشرها بين أصحابنا لتعمل بها الطائفة لا سيّما في زمن الغيبة الكبرى ـ أخبار آحاد خالية عن القرائن الموجبة للقطع بورودها عن أصحاب العصمة عليهمالسلام محمّد بن إدريس الحلّي ـ تجاوز الله عن تقصيراتي وتقصيراته ـ ولأجل ذلك تكلّم على أكثر فتاوى رئيس الطائفة المأخوذة من تلك الاصول.
وبالجملة ، هو وافق رئيس الطائفة وعلم الهدى ومن تقدّم عليهما من قدمائنا في أنّه لا يجوز العمل بخبر الواحد الخالي عن القرينة الموجبة للقطع ، وغفل أو تغافل عن أنّ أحاديث أصحابنا ليست من ذلك القبيل ، مع أنّ علم الهدى في كثير من رسائله ورئيس الطائفة في كتاب العدّة وغيره ومحمّد بن يعقوب الكليني ومحمّد بن بابويه في كتابيهما صرّحوا بذلك ، ثمّ تبعه العلّامة الحلّي في ذلك ومن جاء بعد العلّامة تبع العلّامة في المقامين ، لأنّه رحمهالله كان بحر العلوم.
وممّا يوضح ما ذكرناه ما ذكره صاحب الكرامات والمقامات والمنامات سيّدنا الأجلّ عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن طاوس الحسني رضى الله عنه في بعض رسائله ، حيث قال :
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلواته على سيّد المرسلين محمّد النبيّ وآله الطاهرين ، يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن طاوس : إنّني ذاكر في هذه الأوراق بعض ما رويته أو رأيته من الأحاديث في تحقيق المضايقة في فوائت الصلوات وما أتقلّد الحكم بأحد القولين بل يعيّن ذلك من كلّف به من أهل النظر والأمانات.
فمن ذلك ما أرويه بإسنادي إلى محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري ـ رضوان الله عليه ـ وكان له مكاتبة إلى المهديّ صلوات الله وسلامه عليه ـ وأجوبة تبرز بين السطور إليه ، فذكر هذا محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد ، وكان تاريخ النسخة الّتي نقلت منها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وعشرين وأربعمائة ،