كنت دائما متفكّرا متحيّرا في أنّه لأيّ سبب لم يوفّق أحد لجمع الأحاديث كلّها من كتب شتّى لترتيبها وتهذيبها مثل ما وفّق الأئمّة الثلاثة المحمّدون العجميّون المشاركون في الاسم والكنية لأوّل من أظهر دين جدّه المكنون باقر علوم الأوّلين والآخرين ـ صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين المطهرين ـ حتّى وقفت على أحاديث كثيرة متوافقة المضمون ، فلنتبارك بذكر طرف منها :
ففي كتاب الكافي ـ في باب أنّ الإمام متى يعلم أنّ الأمر قد صار إليه ـ عن
* إذا صحّ ما ذكره كلّه ، فما المانع من دخول بعض الأحاديث الضعيفة في تلك الأحاديث مع تطاول الأزمان وتغيّر المذاهب وكثرة الزنادقة وذلك لا يخلّ بظهور الحقّ ومعرفة الصحيح منها كما وقع في أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته وبعد وفاته. والّذي نقل عن ابن أبي العوجاء أنّه وضع في الأحاديث أربعة آلاف حديث ، ولمّا اختلطت الأحاديث وصنّفت الكتب فيها واشتبه المقبول وغير المقبول ولم يتقيّدوا بإثبات الصحيح منها ـ كما نقل عن جماعة أجلّاء من أصحابنا مثل البرقي والعيّاشي وغيرهما ـ احتاجوا إلى تأليف كتب الرجال لتميز الأحاديث ويعرف الصحيح منها. وقد وضع بعض العلماء مؤلّفات طويلة في بيان الأحاديث الموضوعة.
ومع هذه الحال كيف يتّجه كلام المصنّف ودعواه التواتر عليه ، لكنّ الهوى يعمي ويصمّ. وكلامه يقتضي القدح في الأئمّة عليهمالسلام ولا يدري قبحه ، لأنّ هذه الأحاديث كلّها مع اختلافها وتضادّها الموجب للاختلاف والاشتباه والعمل بغير ما هو الحقّ إذا حكمنا بصحّتها كلّها وثبوتها عن الأئمّة عليهمالسلام فقد نسبناهم إلى إغراء أصحابهم بالجهل وإيقاعهم في الهلكات والشبهات من غير قدرة لهم في الخلاص منها ، ونعوذ بالله السميع العليم من ذلك! وما الّذي يوجب العاقل يخاف الله أن يرتكب هذا المحذور ويعتقد صوابه ورجحانه مع عدم الاحتياج إليه ولا تتوقّف الشريعة عليه؟ وإذا غشيت البصيرة تبعها البصر ولا ينفعها ضوء الشمس فضلا عن المصباح كما قال سبحانه وتعالى : ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ).