بالأعلم أولى ، والأشدّ ضبطا أرجح ، والجازم أرجح من الظانّ ، والمشهور بالرئاسة أرجح من غيره ، والمتحمّل وقت البلوغ أرجح ، وذاكر السبب أولى ، وراوي اللفظ أرجح من راوي المعنى ، والمعتضد بحديث غيره أرجح ، والمدني أرجح من المكّي ، لقلّة المكّي بعد المدني ، والوارد بعد ظهور النبيّ صلىاللهعليهوآله أرجح ، وذو السبب أولى ، والفصيح أولى من الركيك ، ولا يرجّح الأفصح على الفصيح ، والخاصّ متقدّم ، والدالّ بالوضع الشرعي أو العرفي أولى من اللغوي ، والحقيقة أولى من المجاز ، والدالّ بوجهين أولى من الدالّ بوجه واحد والمعلّل أولى ، والمؤكّد أولى ، وما فيه تهديد أولى ، والناقل عن حكم الأصل راجح على المقرّر ـ وقيل : بالعكس ـ والمشتمل على الحظر راجح عند الكرخي على المشتمل على الإباحة ومستويان عند أبي هاشم ، والمثبت للطلاق والعتاق مقدّم على النافي عند الكرخي ، لموافقته الأصل ، ومستويان عند آخرين ، والنافي للحدّ راجح على المثبت ، والّذي عمل به بعض العلماء أرجح من الّذي تركه إذا كان بحيث لا يخفى عليه [١].
وذكر في تهذيب الاصول : الفقه عرفا العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة المستدلّ على أعيانها بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة ، فخرج العلم بالذوات وبالأحكام العقليّة ، وكون الإجماع وخبر الواحد ونظائرهما حجّة ، وعلم المقلّد ، والاصول الضروريّة كالصلاة والزكاة. وظنّية الطريق لا تنافي علميّة الحكم ، وليس المراد العلم بالجميع فعلا ، بل قوّة قريبة منه [٢] انتهى كلامه.
وأقول : قد جرت عادة الحكماء والمتكلّمين بجعل كلّ فنّ عبارة عن مسائل نظريّة مخصوصة ، وعن معرّفات أطرافها وحجج إثباتها. ثمّ الفقهاء أرادوا سلوك تلك الطريقة فأخرجوا ضروريّات الدين عن الفقه ، ويلزمهم خروج ضروريّات المذهب أيضا وإن لم يلتزموه ، ويلزمهم خروج كثير من الأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن الفقه. ومن المعلوم أنّه غير مستحسن.
والباعث للحكماء على ما فعلوا أنّ في باب التعليم والتعلّم تدوين المسائل
[١] مبادئ الوصول : ٢٣٤ ـ ٢٣٨. [٢] تهذيب الوصول : ٤٧.