وللأشاعرة أن يقولوا : الفاعل الإرادي هو مرجّح الترجيح أو يقولوا : الترجيح لا يحتاج إلى ترجيح آخر كالتأثير لا يحتاج إلى تأثير آخر ، وإلّا يلزم التسلسل.
والحقّ أنّ الأدلّة الّتي ذكرناها تقتضي بطلان ما ذهب إليه الأشاعرة وأنّ ترجيح أحد الطرفين بحسب الوقوع مع تساوي نسبة المقتضي إليهما محال بديهة في الفاعل الإرادي أيضا.
ومن جملة أغلاطهم :
أنّ جمعا منهم زعموا أنّه على مذهب الأشاعرة يتّجه القول بالوجوب السابق ، لأنّ الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، بل يحقّقه.
وأقول : زعمهم هذا باطل ، لأنّ بالاختيار عندهم يحصل الوجوب السابق لوجود المعلول ، وليس شيء به يحصل الوجوب السابق للاختيار ، لأنّ نسبته تعالى إلى هذا الاختيار وإلى اختيار الطرف الآخر على السوية ، والاختيار من الممكنات. فهذه القاعدة ليست كلّية عندهم ، وهي كلّية عند الحكماء [١].
منها : الرجل الّذي بلغته الدعوة والمعجزة وقلبه متردّد في صدقه صلىاللهعليهوآله. ويفهم من كلام أصحاب العصمة ـ صلوات الله عليهم ـ انتفاء هذا القسم.
ففي كتاب الكافي : الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أرأيت لو أنّ رجلا أتى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال والله ما أدري أنبيّ أنت أم لا كان يقبل منه؟ قال : لا ، ولكن كان يقتله ، إنّه لو قبل ذلك ما أسلم منافق أبدا [٣].
وفي كتاب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي رحمهالله يعقوب بن يزيد ، عن رجل ، عن الحكم بن مسكين ، عن أيّوب بن الحرّ بيّاع الهروي قال : قال أبو
[١] من قوله : ومن تلك الجملة ... في ص ٤٧٢ إلى هنا لم يرد في خ. [٢] في ط بدل « ومن تلك الجملة » : وعند التحقيق. [٣] الكافي ٧ : ٢٥٨ ، ح ١٤.