ومن جملتها أنّ ظنّ بقائها على ظاهرها إنّما يحصل للعامّة دون الخاصّة ، وقد مرّ بيان ذلك في الفصل الخامس [١].
وبالجملة ، عند المحقّقين من الاصوليّين التفحّص عن الناسخ والمنسوخ والتخصيص والتأويل واجب ، وطريق التفحّص عندنا منحصر في سؤالهم عليهمالسلام عن حالها.
وأمّا استنباط الأحكام النظرية من السنّة النبويّة
من غير تفحّص عن حالها هل هي منسوخة أم لا ، مقيّدة أم لا ، مؤوّلة أم لا؟ بسؤال أهل الذكر عليهمالسلام عن ذلك.
فقد جوّزه جمع من متأخّري أصحابنا وعملوا به ، مثلا تمسّكوا بعموم قوله صلىاللهعليهوآله : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » [٢] وبإطلاق قوله صلىاللهعليهوآله : « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » [٣] وهو أيضا غير جائز بعين الوجوه المذكورة آنفا في التمسّك بظواهر القرآن من غير سؤالهم عليهمالسلام عن حالها. مع زيادة هنا ، وهي : أنّه كثر الافتراء عليه صلىاللهعليهوآله بحيث امتنع التمييز بين ما هو من باب الافتراء وبين ما ليس كذلك ، واختلطت السنّة المنسوخة بالناسخة بحيث يتعذّر التمييز بينهما إلّا من جهة أهل الذكر عليهمالسلام *.
الأئمّة ـ عليه وعليهمالسلام ـ وأمّا امور التكاليف والخطابات بها فلا يحسن القول بخفائها وعدم ظهورها بأيّ وجه كان ، لأنّ ذلك مناف للحكمة المقصودة من القرآن ، ويؤكّد ذلك قوله تعالى : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ ) فإنّ المستفاد منه أنّه لأجل التفاهم وعدم الفائدة عند عدم الفهم ، وذلك لا ينافي ما نقل ـ إن صحّ ـ من كلام الأئمّة عليهمالسلام ولا بدّ من تنزيله عليه.
* إنّ الأصحاب إن ثبت عنهم الاستنباطات الّذي ادّعاه فإنّما يكون من سنّة قد علموا صحّتها ، وليست كلّ أخبار الرسول غير معلومة الصحّة عندنا ، خصوصا المشهورة الّتي نعلم شهرتها في زمانهم عليهمالسلام ولم يظهر منهم إنكارها مع موافقتها لدليل العقل ، مثل ما ذكره من الحديثين وغيرهما من الأحاديث القدسيّة. وقد أوجب الشيخ رحمهالله في العدّة وجوب العمل بالخبر من طريق المخالفين إذا لم يكن للشيعة في حكمه خبر يخالفه ولا يعرف لهم فيه قول ، لما روى