فقد قال به ابن الجنيد من أصحابنا ، ثمّ رجع عنه على ما قيل [١].
وأنا أقول : لا يجوز التمسّك به ، لأدلّة :
الأوّل : عدم ظهور دلالة قطعية على جواز التمسّك به في أحكامه تعالى.
الدليل الثاني : عدم انضباطه.
الدليل الثالث : أنّه قلّ ما يخلو عن أنواع كثيرة من الاعتراضات المذكورة في بحث القياس.
الدليل الرابع : الوجوه المذكورة سابقا لإبطال التمسّك بالاستنباطات الظنّية في نفس أحكامه تعالى ونفيها.
الدليل الخامس : انّ بطلانه صار من ضروريات مذهبنا ، لتواتر الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بذلك.
وأمّا استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كتاب الله
من غير سؤال أهل الذكر عليهمالسلام عن حالها : من كونها منسوخة أم لا ، مقيدة أم لا ، مؤوّلة أم لا.
فقد جوّزه جمع من متأخّري أصحابنا وعملوا به في كتبهم الفقهية ، مثل
على ذلك إجماع ويعتدّ به ، على أنّ منهم من يحكم في مسألة بالشهرة ويخالفها أو يدعيها في حكم آخر مخالف لما ادّعاه فيه أوّلا. وتسليمه وفرضه صحّة الحكم في مسألة لم يظهر فيها نصّ على الوجه المذكور مناف لما يدّعيه من استحالة وجود مسألة لا يوجد فيها نصّ قاطع يمكن الوصول إليه. وأمّا حكمه القطع بوصول نصّ قاطع إليهم فلا ندري من أين علم ذلك؟ لأنّ الفتوى ربما كان مستندها العلم أو الظنّ ولم يعلم منهم أنّهم لا يفتون إلّا عن علم ، خصوصا الشيخ رحمهالله ولو كان عندهم نصّ صريح قاطع لما تركوا إثباته في كتبهم وهم بصدد جمع الحديث الصحيح والضعيف. وما أظنّ لبيبا يتوهّم ذلك فضلا عن القطع به.