وحيث قال في مقام ذكر أصناف الخطأ في مادّة البرهان : الثالث جعل الاعتقاديات والحدسيات والتجربيات الناقصة والظنّيات والوهميات ممّا ليس بقطعي كالقطعي وإجراؤها مجراه ، وذلك كثير [٢].
وحيث قال في مبحث الإجماع : والجواب أنّ إجماع الفلاسفة على قدم العالم عن نظر عقلي وتعارض الشبه واشتباه الصحيح بالفاسد فيه كثير ، وأمّا في الشرعيات فالفرق بين القاطع والظنّي بيّن لا يشتبه على أهل المعرفة والتمييز [٣] انتهى كلامه.
فإن قلت : لا فرق في ذلك بين العقليات والشرعيات ، والشاهد على ذلك ما نشاهد من كثرة الاختلافات الواقعة بين أهل الشرع في الأصوليين وفي الفروع الفقهية.
قلت : إنّما نشاهد [٤] ذلك من ضمّ مقدّمة عقلية باطلة بالمقدّمة النقلية الظنّية أو القطعية.
ومن الموضحات لما ذكرناه من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم عن الخطأ في مادّة الفكر : أن المشّائيّين ادّعوا البداهة في أنّ تفريق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين ، وعلى هذه المقدّمة بنوا إثبات الهيولي. والاشراقيّين ادّعوا البداهة في أنّه ليس إعداما للشخص الأوّل وفي أنّ الشخص الأوّل باق ، وإنّما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتّصال.
ومن الموضحات لما ذكرناه : أنّه لو كان المنطق عاصما عن الخطأ من جهة المادّة لم يقع بين فحول العلماء العارفين بالمنطق اختلاف ، ولم يقع غلط في الحكمة الإلهية وفي الحكمة الطبيعية وفي علم الكلام وعلم اصول الفقه [ والفقه [٥] ] كما لم يقع في علم الحساب وفي علم الهندسة.
[١] شرح القاضي : ١٩. [٢] شرح القاضي : ٣٤. [٣] شرح القاضي : ١٢٦. [٤] في ط : نشأ. [٥] لم يرد في ط.