كتاب العدّة : وأمّا الظنّ فعندنا وإن لم يكن أصلا في الشريعة تستند الأحكام إليه ، فإنّه تقف أحكام كثيرة عليه ، نحو تنفيذ الحكم عند الشاهدين ونحو جهات القبلة وما يجري مجراه [١]. وقال في موضع آخر من كتاب العدّة : وأمّا القياس والاجتهاد فعندنا أنّهما ليسا بدليلين ، بل محظور استعمالهما ، ونحن نبيّن ذلك فيما بعد [٢] انتهى كلامه رحمهالله.
وأنا أقول : في بعض ما نقلنا عن رئيس الطائفة بحث ، والحقّ عندي ما نقله صاحب المعالم عن علم الهدى رضى الله عنه حيث قال : وجوب الحكم على القاضي بعد شهادة العدلين ليس من حيث انّها توجب حصول الظنّ ، بل من حيث إنّ الشارع قال جعله سببا لوجوب الحكم على القاضي ، كما جعل دخول الوقت سببا لوجوب الصلاة [٣].
وإنّما قلت : الحقّ فيه ما أفاده علم الهدى ، لا ما ذكره رئيس الطائفة رحمهالله لأنّ كثيرا ما لا يحصل الظنّ بشهادتهما لمعارضة قرينة حالية ، مع وجوب الحكم على القاضي حينئذ ، ومن المعلوم عند اولي الألباب : أنّ متعلّق هذا الظنّ ليس من أحكامه تعالى كما أفاده رئيس الطائفة.
ـ الوجه الثاني ـ
قوله تعالى : ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ )[٤] مع قوله عزوجل : ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً )[٥] وقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )[٦] وقوله تعالى : ( إِنْ هُمْ إِلّا يَظُنُّونَ )[٧] و ( إِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ )[٨] وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ )[٩] وغيرها من الآيات الشريفة. وتخصيص تلك الآيات باصول الدين ـ كما وقع من الاصوليّين بناء على أنّ الضرورة ألجأت إلى التمسّك في الفروع بالظنّ إمّا مطلقا [ بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ولمن بعد عنه في زمانه ] [١٠] كما هو زعم العامّة ، أو في زمن الغيبة الكبرى كما هو
[١] عدّة الاصول ٢ : ٦٥٤. [٢] عدّة الاصول ٢ : ٦٥٢. [٣] معالم الدين : ١٩٣. [٤] الأعراف : ١٦٩. [٥] النجم : ٢٨. [٦] الاسراء : ٣٦. [٧] الجاثية : ٢٤. [٨] الأنعام : ١١٦. [٩] المائدة : ٤٤. [١٠] ما بين المعقوفتين شطب عليه في ط.