وهنا احتمال آخر في تفسير كلام الشيخ وهو أن يقال : مراده من « الأخبار » مطلق الأخبار ، ومراده [ من العلم ] العلم بنفس الدليل لا بنفس المدلول ليعمّ ظنّي الدلالة ، ومراده من « الشروط » الشروط المذكورة في كتب الاصول من إسلام الراوي وإيمانه وعدالته وضبطه. لكن حينئذ يرد عليه أبحاث كثيرة في كتب المتأخّرين مسطورة ويخالف كلامه في كتاب العدّة ويختلّ مقصوده بالكلّية.
صريح كلام رئيس الطائفة قدسسره أنّه لا يجوز العمل بخبر لا يوجب القطع بما هو حكم الله في الواقع أو حكم ورد عنهم عليهمالسلام ويجوز العمل بخبر يوجب القطع بورود الحكم عنهم عليهمالسلام وإن لم يوجب القطع بما هو حكم الله في الواقع. وما صرّح به رئيس الطائفة هو المستفاد من الروايات المتواترة عن العترة الطاهرة عليهمالسلام وهو مراد علم الهدى عند التحقيق ، فصارت المناقشة بين النحريرين العلمين المقدّسين ـ قدّس الله سرّهما ـ لفظية لا معنوية كما توهّمه العلّامة ومن تبعه. والحمد لله والطول والمنّة.
وقد اختار المحقّق الحلّي وابن إدريس ما اختاره رئيس الطائفة بعينه.
وأنا اخترت مختارهم ، لتواتر الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بجواز العمل بخبر الثقة وبخبر يفيد العلم بورود الحكم عنهم عليهمالسلام[١] وبالتوقّف عند خبر لا يفيد القطع بورود الحكم عنهم عليهمالسلام[٢] *.
* هذا الصريح الّذي ادّعاه على الشيخ لم نعلم أين وجده؟ فإنّا قد بيّنّا مذهب الشيخ رحمهالله وتجويز العمل بخبر الواحد المفيد للظنّ ، وهذا الصريح ينافيه ذلك. ونقله أيضا عنه تجويز العمل بخبر يوجب القطع بورود الحكم عنهم عليهمالسلام وإن لم يوجب القطع بما هو حكم الله في الواقع من غير تقييد بكونه على وجه التقيّة إذا لم نعلم بها لا مناسبة لإطلاقه ، لأنّ الحكم إذا ثبت بالقطع عنهم عليهمالسلام فلا يجوز مخالفته للواقع في غير ما قلناه. وجعله النزاع بين الشيخ وبين السيّد
[١] راجع الوسائل ١٨ : ٥٢ ، الباب ٨ من ابواب صفات القاضي. [٢] راجع الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من ابواب صفات القاضي.