و هذا، و إن كان ظاهره: أنه «صلى اللّه عليه و آله» قد أمر بذلك بعد البعثة و بعد نزول الوحي عليه، لكنه يثبت أيضا:
أنه لا مانع من تعبده «صلى اللّه عليه و آله» قبل بعثته بما ثبت له أنه من دين الحنيفية، و من شرع إبراهيم «عليه السلام» ، و ليس في ذلك أية غضاضة، و لا يلزم من ذلك أن يكون نبي اللّه إبراهيم أفضل من نبينا «صلى اللّه عليه و آله» ، فإن التفاضل إنما هو في ما هو أبعد من ذلك.
هذا كله، لو لم نقتنع بالأدلة الدالة على نبوته «صلى اللّه عليه و آله» منذ صغره.
و وجدك ضالا فهدى:
و بعد ما تقدم نقول: إن قوله تعالى: مٰا كُنْتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتٰابُ وَ لاَ اَلْإِيمٰانُ [2]و قوله سبحانه: وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدىٰ [3]لا يدل على وجود ضلالة فعلية و لا على وجود جهل فعلي قبل النبوة.
بل غاية ما يدل عليه هو أنه «صلى اللّه عليه و آله» لو لا هداية اللّه له لكان ضالا و لو لا تعليم اللّه له لكان جاهلا، أي لو أن اللّه أوكله إلى نفسه، فإنه بما له من قدرات ذاتية، و بغض النظر عن الألطاف الإلهية، و العنايات