و قد اعترف أحد مسلمة أهل الكتاب بأن اليهود يعلمون: أن الذبيح هو إسماعيل، و لكنهم يصرون على خلافه حسدا منهم للعرب [2].
ملاحظات هامة:
الأولى: أن إبراهيم قد رزق ولده إسماعيل الوحيد في شيخوخته، كما أشار إليه القرآن، و طبيعي أن يكون تعلقه بهذا الولد أشد، و حبه له أعظم.
و نلاحظ أيضا: أن أمر اللّه تعالى له بذبحه قد كان و ولده في أروع أيام حياته، و في السن التي يزداد تعلق والديه به فيه، و حبهما له؛ حيث تمتزج المحبة بالعاطفة، و الرأفة بالإعجاب. .
و أيضا، لقد رزقه اللّه ولدا هو في أعلى درجات الكمال الإنساني، عقلا و دراية و سلوكا، و استقامة، إلى غير ذلك من فضائل و كمالات إنسانية فاضلة، و هذا أيضا أدعى إلى التعلق به، و ازدياد المحبة له.
و بعدما تقدم فإننا نجد: أن اللّه سبحانه يكلف هذا الأب بذبح طفل كهذا بيده، و إذا كان التخلي عن طفل كهذا في ظروف كهذه هو من أصعب الأمور، فكيف إذا كان يجب أن يتم هذا التخلي بيد نفس ذلك الأب؟ ! . .
و يلبي إبراهيم، و يستجيب إلى أمر اللّه، دون أن يسأل عن السبب، و دون أن يبرمه أمر كهذا، و حتى دون أن يتحير في ذلك؛ لأنه واثق بحسن
[1] البداية و النهاية ج 1 ص 157، و راجع: البحار: ج 12 ص 134.
[2] البحار: ج 12 ص 134، و مجمع البيان: ج 8 ص 453، و السيرة الحلبية: ج 1 ص 38، و تاريخ الخميس ج 1 ص 95-96 و المواهب اللدنية ج 1 ص 18.
نام کتاب : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله نویسنده : العاملي، السيد جعفر مرتضى جلد : 2 صفحه : 54