و على كل حال، فقد جدد قصي بناء البيت في القرن الثاني قبل الهجرة [2]و بنى إلى جانب الكعبة دار الندوة، التي كانت تجتمع فيها قريش للحكومة، و القضاء، و الشورى [3]و هذا من مآثره الجليلة، الدالة على درايته و حكمته، و بعد نظره.
مكانة قريش:
و واضح: أن سدانة قريش للبيت العتيق، و هو الذي يعظمه الكثيرون، ثم اتصال نسبها بإسماعيل و إبراهيم «عليهما السلام» ، و العربي بطبعه يحترم نسبا كهذا، انطلاقا من اهتمامه بالأنساب، و إذعانه لها على أنها مصدر شرف و سؤدد، و لا سيما بملاحظة تعرض العربي للغارات و السبي الأمر الذي يجعل لديه حساسية خاصة تجاه هذا الأمر.
و أيضا، لأن قريشا كانت أقرب إلى الحنيفية من غيرها، و شعائر الحج إنما هي من بقاياها كما هو معلوم، و الحنيفية هي الدين الذي يحترمه العربي و يقدسه و يعنو له، إن كل ذلك، و غيره من أمور قد أكسب قريشا شرفا، و منحها مكانة، و نفوذا و خطرا، و أصبح الناس عامة ينظرون إلى قريش نظرة فيها الكثير من الاحترام و التقديس و الإكبار.
[1] السيرة الحلبية: ج 1 ص 9، و راجع: تاريخ الأمم و الملوك: ج 2 ص 17.