« يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب ، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه ، ولا شرفا إلا أدركتموه ، فلكم به على الناس الفضيلة ، ولهم به إليكم الوسيلة ، والناس لكم حرب وإلى حربكم إلب ، وإني أوصيكم بتعظيم هذه البينة فإن فيها مرضاة للرب ، وقواما للجأش ، وثباتا للوطأة ، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها ؛ فان صلة الرحم منسأة للأجل وزيادة في العدد ، واتركوا البغي والعقوق ففيهما شرف الحياة والممات ، وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة ؛ فإن فيهما محبة للخاص ومكرمة للعام.
واني اوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش والصديق في العرب كأني أنظر الى صعاليك العرب وأهل الوبر الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته ، وصدّقوا كلمته ، وعظموه ، فخاض بهم غمرات الموت فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وأعظمهم عليه أحوجهم اليه ، وأبعدهم أقربهم عنده ، قد محضته العرب ودادها ، وأصغت له فؤادها وأعطته قيادها.
دونكم يا معشر قريش المحافظة على ابن أخيكم وكونوا له ولاة ولحزبه حماة ؛ والله لا يسلك أحد منكم سبيله إلا سعد ، ولا يأخذ بهديه إلا رشد ، ولو كان للنفس مدة ، وللأجل تأخير لكفيت عنه الهزاهز ولدفعت عنه الدواهي.