والمراد في هذه الصورة المتحركة التي يرسمها هذا الحديث الشريف هو ضرورة حضور القلب في جميع أحوال الصلاة من أفعالها وأقوالها ، وجدير بالتأمل أن ذلك يقتضي أن يكون الحضور حال السجود آكد ؛ لأنّ حضور القلب في القيام ـ مثلاً ـ يقتضي الالتفات إلىٰ مقام العبودية والربوبية ، وفي الركوع يقتضي الالتفات إلىٰ عظمة الرب وذلة العبد ، وإلىٰ أنّ الحول والقوة منفيّة عنه.
والحضور المناسب للسجود هو بالفناء عن الكلِّ والحضور عند الرب تعالىٰ [١].
ولأهمية السجود جعله الله تعالىٰ واحداً من العلامات التي تميز عباده المخلصين ، قال تعالىٰ : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ )[٢].
تسمية المصلّىٰ مسجداً
ومما يؤكد اهتمام الإسلام المتزايد بالسجود هو تسمية المصلىٰ ـ وهو موضع اقامة الصلاة ـ مسجداً ، إذ أصبح له عنواناً خاصاً متميزاً ، عناية بأهم أجزاء الصلاة ، باعتبار أن السجود هو موضع القرب كما تبين وبه يتجلى التواضع والخضوع والتذلل لله جلَّ وعلا ، لذا فقد أولىٰ الباري تعالىٰ عناية خاصة بالمساجد فنسبها له سبحانه وحده كما قال : ( أَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا )[٣].
[١] أسرار الصلاة / الميرزا جواد الملكي التبريزي : ٢٦٨ ، دار الكتاب الإسلامي ـ قم.[٢] سورة الفتح : ٤٨ / ٢٩. [٣] سورة الجن : ٧٢ / ١٨.