نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 3 صفحه : 364
الذوات والصفات والأعمال والاعتقادات ، حتّى إنّ أعداءهم عادَوا شيعتهم
وسعَوا بكلّ مكروه إليهم ، وما المسبِّبُ لذلك إلّا متابعتهم لأئمّتهم وانتسابهم
لهم في فرعهم وأصلهم وقُلِّهم [١] وجلّهم ، لا جرم تكرّموا عليهم بحمل أثقالهم وما أصابهم
من لطخ أعدائهم.
ولهذا جعلوا عليهمالسلام بغض الشيعة معيار الناصب والميزان الفارق بين الصادق
والكاذب ، كما رواه الصدوق في ( العلل ) عن ابن سنان ، و ( المعاني ) عن ابن
خُنَيْس كلاهما عن الصادق عليهالسلام ، قال : « ليس
الناصبُ مَنْ نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحداً يقول : إني أبغضُ محمّداً
وآل محمّد. ولكنّ الناصبَ مَنْ نَصَبَ لكم ، وهو يعلم أنّكم تتولّوننا [٢]وتتبرّءون من أعدائنا » [٣].
وهو ظاهر
لُاولي الأبصار ، كالنار على الأطوار.
ومنها
: أنّهم عليهمالسلام لمّا كانوا في غاية القرب من ذي الجلال ، وكانت ذواتهم
متعلّقة بالملإ الأعلى ومشاهدة ذلك الجمال والكمال ، وجوارحهم مملوءة بخوفه ،
وجوانحهم مشغولة بذكره ومستغرقة بطاعته وخشيته ، فهم أبداً مخلصون بالانقطاع إليه
ومقبلون بكلّهم عليه ، كانوا متى انحطّوا عن تلك الرتب العلويّة إلى الاشتغال
باللوازم البشريّة السفليّة من المباحات اللّابديّة جعلوه ذنباً وخطيئة واستغفروا
منه رَبّ البريّة ، كما أنّ الأقربين إلى الملك لو اشتغلوا وقت مجالسته إلى غيره
من رعيّته لعدّوا ذلك تقصيراً واستغفروا منه كثيراً ، فما ظنّك بأفقر الفقراء
وأطوع العبيد بالنسبة إلى ملك الملوك المولى المجيد ، ويدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآله : « حسناتُ
الأبرارِ سيّئات المقرّبين » [٤].
ومنها
: أنّهم عليهمالسلام عرفوا الله حقّ معرفته ؛ إمّا بالنسبة إلى غيرهم مِنْ
خليقته ولو كانوا من أقرب ملائكته ، أو باعتبار إقرارهم مع عظم شأنهم بالعجز عن
إدراك كنه هويّته ؛
[١]
القُلُّ : خلاف الكُثْرِ. لسان العرب ١١ : ٢٨٧ قلل.