نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 1 صفحه : 75
الإرادة وانتفاء الإفادة.
وإنّما قلنا :
إنّه نفاه عنهم أخيراً ؛ لما تقرّر في محلّه من أنّ ( لو ) موضوعةٌ لتعليق حصول
مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضاً في الماضي ، مع القطع بانتفاء الشرط [١] ، والشرط هنا
هو قولُهُ تعالى : ( لَوْ كانُوا
يَعْلَمُونَ ) ، فيدلّ على انتفاءِ العلم ، واللهُ العالم.
منشأ
دهاء الدهاة
وأمّا قوله : (
ثمّ ما
منشأ دهاء الدّهاة ... ـ إلى قوله ـ :
أم للعقل
فيه مدخليّة ).
فالجوابُ
عنه يعرف أيضاً من
الجواب عمّا قبله ، ونزيدُهُ وضوحاً فنقول : إنّ حِكْمةَ الحكيم العزيز العليم قد
اقتضت أنّ لنفس الإنسان دون سائر الحيوان قوّتين متلازمتين : قوّة عالمة وقوّة
عاملة ، فهما له ملازمتان لا ينفكّان ، دون سائر الحيوانات ؛ لبُعْدِها وقصورها عن
الجمع للكمالات.
وفي خبر
إسماعيل بن جابر ، عن الصادق عليهالسلام : « والعلمُ
مقرونٌ إلى العمل ، فَمَنْ عَلِمَ عَمِلَ ومَنْ عَمِلَ علِمَ ، والعلمُ يهتفُ
بالعمَل فإنْ أجابَهُ وإلّا عنه ارتحلْ » [٢]. انتهى.
وذلك لأنّ
العلمَ صورةٌ والعملَ مادّةٌ ، فكما لا وجودَ للمادّة بلا صورة ولا ثباتَ للصّورة
بلا مادّة ، كذلك لا وجودَ للصّورة بلا مادّة ؛ فهما متلازمان لا يفترقان.
والقوّة
العاملةُ لا بدّ لها من اكتساب ، ولا شكّ في توقّف المكتسب على تحصيل مقدّمات
الاكتساب من الشروط والأسباب ، فإنْ كانت القوّة طوعَ العقل سلكت الحسَنَ وطريقَ
اكتسابه ، وتكون حينئذٍ مستقيمةً مطمئنّةً للتجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار
الخلود ، والاستعداد للموت قبل أوان الفوت ، وإلّا خرجت للاعتقادات الباطلة
والحِيَل والمَكْر والخدع ، وانهمكت في الأفعال والأعمال الزائلة ؛ لعصيانها
بالتجافي عن دار الخلود والسعود والإنابة إلى دار الغرور والشرور ،