نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 1 صفحه : 240
الحديث الثاني دلالة على أنّ إجهار النبيّ صلىاللهعليهوآله بصلاة الجمعة والمغرب والعشاء إنّما هو لأجل تبيين فضله
عند الملائكة ، والإجهار في الصبح لأجل تبيين فضله عند الناس. وفي الحديث الثالث
أنَّه إنّما جهر بها ؛ لأنّه عليهالسلام يغلس بها ) انتهى كلامه ، علت في الخلد أقدامه.
أقول
: لا يخفى أنّ
ما ذكره غير ناهض بالمدَّعى ، إذ التعليل لم يتوجّه إلى نفس الجهر من حيث هو ،
وإنّما توجّه إلى ما هو أعمّ منه ؛ وذلك أنّه لمّا انتقش في ألواح الفِطَن السليمة
، وانغرس في حدائق الفِطَر المستقيمة غير السقيمة ، قبحُ ترجيح أحد المتساويين بلا
مرجّح ، توجّه السؤال عن جعل الجهر في بعض الصلوات ، والإخفات في بعضها ، حيث قد
صدر من الحكيم المطلق ، وكانت تلك الصلوات بأسرها مرادة له ، فأُجيب بوجه الترجيح.
الاستدلال على أصالة كلّ من
الجهر والإخفات
والتعليل لا
ينافي الأصالة كما يحكم به الذهن الرجيح ، وقد ثبت أنّ العلل الشرعية إنّما هي
معرِّفات تقريبية لا حقيقية ، فهي إمّا للتقريب للإفهام القاصرة بالنكت الظاهرة ،
أو لبيان وجه المصلحة أو الداعي والحكمة.
وأيّا ما كان
لا يلزم عدم الأصالة ، ألا ترى أنّ أصل فرض الصلاة إنّما هو القصر مثنىً مثنىً ،
كما نطقت به أخبار أهل الذكر عليهمالسلام[١] ، مع أنّ قصر الرباعية في السفر وردّها إلى الأصل معلّل
بالتخفيف من الله تعالى على عبده « لموضع سفره
ونصبه ، واشتغاله بأمر نفسه ، وظعنه وإقامته ؛ لئلّا يشتغل عمّا لا بدّ منه في
معيشته ، رحمة من الله ، وتعطّفاً عليه » [٢] ، كما في الخبر.
بل لو كان
مجرّد التعليل منافياً للتأصيل لزم انقلاب الدليل ؛ إذ قد تضمّن صحيح الفضل [٣] تعليل عدم
الجهر في صلاة النهار ؛ لكونها في أوقات مضيئة ، فهي من جهة
[١]علل الشرائع ٢ :
١٧ ـ ١٨ / ١ ، الوسائل ٤ : ٨٩ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ٢٤ ، ح ٧.