قال أمير
المؤمنين وسيّدُ الموحدين في خطبة الجمعة والغدير بعد ذكر بعض أوصاف ذلك النبيّ
الكبير : « قَرَنَ الاعتراف
بنبوّته بالاعتراف بلاهُوتيَّته واختصَّهُ من تكرمَتِه بما لم يلحقهُ [ فيه [١]] أحدٌ من بريَّته » [٢] .. إلى آخره.
مستند النبوّة
وحيث إنَّ
الشهادة لا بدّ لها من مستند ولا سيّما على تقدير أخذها من الحضور فالمستند هنا
أمران :
الأوّل
: عامٌّ لجميع
الأنام حتى العوامّ وهو المعجز القاهر والبرهان الباهر الذي ثبت جُلُّه بالتواتر
وباقيه بالتسامع والتظافر ، حتى ملأ الدفاتر وتناقله الثقات كابراً عن كابر ، ولا
سيّما المعجز الباقي إلى انقضاء عالم التكليف وهو القرآن الحكيم والفرقان العظيم ،
الشاهد بنبوّته والمصدِّق لرسالته ، فإنَّه شاهدٌ حاضر في كلّ قرنٍ قرن ، وزمنٍ
زمن في الماضي والغابر ، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ، ولا تُرَدُّ شهادته
ولا تفلج حجّته.
والثاني
: خاصّ بمَنْ
صفا ذهنه ولطف حسّه من ذوي الأفهام السليمة والأفكار المستقيمة ، وهو أنَّ مَنْ
عرف الله تعالى وصفاته وأفعاله وآثارها ، وعرف أسرار هذا الدين ظاهراً وباطناً ،
عرف بالضرورة أنَّ محمّداً رسول الله صلىاللهعليهوآله حقاً ونبيّه صدقاً ؛ فإنَّ مَنْ نظر إلى سيرته وما جاء
به من الأوامر والنواهي في شريعته ، وتفكّر في آدابه الشريفة وأخلاقه اللطيفة ،
وهمّته العلية وشيمه الأبية ، وفتوحه العظيمة وكراماته